فيلزم مثله الذي هو أقرب الأشياء إليه ، ولأن المعقود عليه خل منحصر في هذا الشخص ، فإذا لم يتم الانحصار بقيت الخلية ، بل رضاهما بالجزئي المعين الذي يظنان كونه خلا رضا بالخل الكلي مهرا ، إذ هو مستلزم للجزئي ، فالرضا به مستلزم للرضا به ، فإذا فات الجزئي لعدم صلاحية الملك بقي الكلي الذي هو أحد الأمرين الذي وقع التراضي بهما.
وفيه أن المفروض وقوع العقد على خصوص ما في الظرف لا على خل بهذا القدر ، فالمعقود عليه حينئذ الكلي المقترن بالمشخصات الموجودة ، وهذا يمتنع بقاؤه إذا ارتفعت المشخصات ، والمحكوم بوجوبه هو الكلي في ضمن شخص آخر لم يقع عليه التراضي أصلا ، فإيجابه حينئذ إيجاب لما لم يتراضيا عليه ، وكونه أقرب إلى المعقود عليه لا يستلزم وجوبه ، لأن المهر الذي يجب بالعقد هو ما يتراضيا عليه ، ولا يلزم من التراضي بأحد المثلين التراضي على الأخر.
وما في المسالك ـ من « ان الجزئي الذي وقع عليه التراضي وإن لم يساوه غيره من أفراد الكلي إلا أن الأمر لما دار بين وجوب مهر المثل أو قيمة الخمر أو مثل الخل كان اعتبار المثل أقرب الثلاثة ، لأن العقد على الجزئي المعين اقتضى ثلاثة أشياء : ذلك المعين بالمطابقة ، وإرادة الخل الكلي بالالتزام ، وكون المهر واجبا بالعقد بحيث لا ينفك المرأة من استحقاقه ، حتى لو طلق كان لها نصفه ، أو مات أحدهما فجميعه ، فإذا فات أحد الثلاثة وهو الأول يجب المصير إلى إبقاء الأخيرين بحسب الإمكان ، إذ « لا يسقط الميسور بالمعسور » (١) وعموم « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم » (٢) وهما لا يوجدان في ضمن وجوب مهر المثل ، لأنه لا يجب إلا بالدخول عند القائل به ، وإمكان وجودهما في ضمن قيمة الخمر قد عرفت فساده ، فلم يبق إلا المثل ، ولا شبهة في أن الرضا بالخل المعين في الظرف يستلزم إرادة
__________________
(١) رواه النراقي ( قده ) في عوائده ص ٨٨ عن غوالي اللئالي عن أمير المؤمنين عليهالسلام.
(٢) سنن البيهقي ج ٤ ص ٣٢٦.