بحكم الغنى شرعا ، نعم لو تلبس بالاكتساب الساد لخلته كان غنيا أو بحكمه ، ولعل هذا هو المراد من الخبر المزبور ، بل يمكن تنزيل كلام الأصحاب أيضا عليه ، كما أوضحنا ذلك في باب الزكاة.
ومن الغريب ما وقع من بعضهم هنا أن الامرأة القادرة على التكسب بالتزويج كذلك بحكم الغني ، إذ من الواضح عدم اندراج نحو ذلك في القدرة على التكسب الذي هو بحكم الغني ، وأغرب من ذلك ما عن شرح النافع من احتمال اشتراط عدم تمكن القريب من آخذ من الزكاة ونحوها من الحقوق ، والله العالم.
وعلى كل حال ف لا عبرة عندنا كما عن الخلاف بنقصان الخلقة بعمي أو إقعاد ونحوهما ولا بنقصان الحكم بجنون أو صغر مع الفقر والعجز لإطلاق الأدلة خلافا لبعض العامة فتجب حينئذ نفقة الصحيح الكامل في الأحكام إذا كان فقيرا غير مكتسب ، كما أنها لا تجب للأعمى ولا للمقعد وغير الكامل مع الغنى بالمال أو بالتكسب ، بل صرح بعضهم بعدم وجوبها للطفل مثلا إذا بلغ حدا يستطيع تحصيل نفقته بالتكسب بإذن الولي ، وإن كان فيه ما فيه بناء على ما سمعته منا ما لم يتلبس بذلك ، كما هو واضح.
وتجب النفقة بلا خلاف أجده فيه لمن عرفت من الأصول والفروع ولو كان فاسقا أو كافرا بلا خلاف أجده فيه ، بل عن جماعة الإجماع عليه ، لإطلاق الأدلة وخصوصا في الوالدين المأمور بمصاحبتهما بالمعروف مع كفرهما (١) لكن قد يناقش بمعارضة ذلك للنهي (٢) عن الموادة لمن نصب لله المحادة ولو من وجه ، فان مقتضاه التساقط والرجوع إلى الأصل المنافي للوجوب ، ويدفع بأنه لا ريب في ترجيح الأول بما سمعت من الإجماع المحكي المعتضد بفتوى الأصحاب مع إمكان منع كون ذلك موادة ، خصوصا بعد الأمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين الكافرين ، فهو حينئذ كالخاص بالنسبة إلى ذلك ، ويتم بالنسبة للأولاد ،
__________________
(١) سورة لقمان : ٣١ ـ الآية ١٥.
(٢) سورة المجادلة : ٥٨ ـ الآية ٢٢.