الأول والثاني أو الثالث التي ليس واحد منها عنوان الحكم ، كما لا حاجة إلى ما في المسالك من تجشم الفرق بين المقام وبين عدم الرجوع على الشاهدين بما ذكره فيها ، ثم قال : « وفي الفرق نظر » ضرورة وضوح الفرق بينهما بأن مبنى رجوع المدعى عليه عليهما بما يغرمه قاعدة قوة السبب على المباشر ، فهما أولى بالاندراج في قوله عليهالسلام (١) « من أتلف » والفرض عدم إتلافهما شيئا عليه ، لأنه أبرأه بخلاف ما لو دفعه له ثم وهبه له ، ضرورة صدق الغرامة التي لا ينافيها هبته له ذلك التي هي ملك جديد بسبب جديد ، فتأمل جيدا.
نعم قد يشكل الحال فيما ذكر المصنف وغيره بقوله وكذا لو خلعها به أجمع الذي معناه أنه كالإبراء والهبة ما لو بذلته له ليخلعها عليه فخلعها به ، فإنه يستحق عليها مقدار نصفه مضافا إلى ما خلعها به الذي بذلته له ، فكان بمنزلة إبرائها وهبتها إياه ، ضرورة وضوح الفرق بين المشبه والمشبه به الذي هو إتلاف للمهر قبل الطلاق على وجه يصادف وقوعه سبق انتقاله عنها ، فيستحق عليها حينئذ مقدار نصفه لتعذره ، بخلاف المشبه الذي لا يملكه من حيث الخلع إلا بتمام الطلاق المفروض أنه مملك للنصف ، لكونه قبل الدخول ، فيتحد حينئذ زمان السببين ، والفرض تنافيهما ، فلا يقع واحد منهما ، وإلا كان ترجيحا بلا مرجح ، وليس ذلك مثل ظهور استحقاق مال الخلع كي يتجه حينئذ ضمانها ذلك ، ولا أنه يتمحض بذلا للخلع ، فيوجب الطلاق مقدار نصفه في ذمتها لتعذره ، لأن كلا منهما مبني على
__________________
(١) المراد منه هو الحديث المشتهر على ألسنة الفقهاء « من أتلف مال الغير فهو له ضامن » الا أنه لم نجد نص ذلك مع التتبع في مظانها ، والظاهر أنه مستفاد من عدة روايات وردت في أبواب مختلفة : منها ما رواه في الوسائل في الباب ـ ١٠ و ١١ و ١٤ ـ من كتاب الشهادات والباب ـ ٧ و ٥ ـ من كتاب الرهن الحديث ٢ منهما والباب ـ ٢٩ ـ من كتاب الإجارة والباب ـ ١٨ ـ من كتاب العتق الحديث ١ و ٥ و ٩ والباب ـ ٢٢ ـ من أبواب حد الزنا الحديث ٤ والباب ـ ١ ـ من أبواب نكاح البهائم الحديث ٤ من كتاب الحدود.