حجاب هذا العالم الغريب حيث : ( تشهد من أمر الله شهود العيان ما لم يصل غيرها إلى تعقله أو تحسسه بعصي الدليل والبرهان ) (١).
ومن خلال فهمنا لخصوصية اصطفاء من يختاره تعالى لإطلاعه على الغيب يتبيَّن لنا بوضوح أن النبي لايمكنه إقامة نبوة بوظيفتها في الهداية وطريقها بالإنذار بما تأتي به إلّا بتوافر ثلاث خصائص تتميز بها الروح النبوية عن سائر الأرواح وهي (٢) :
١ ـ أنها تتصرف في الطبيعة وأنظمتها الخفية بالمعجزة التي تكون الطاقة التي تقوم بها فوق حدود القوى والطاقات البشرية.
٢ ـ أنها تمتلك ملكة العصمة.
٣ ـ أنها ترتبط بعالم الغيب .. إذ هو المادة الأولى لكيان النبوة حيث تتوقّف عليه المادتان السابقتان ، ولأنّ الاتصال به روح المعجزة وحياة العصمة.
وعلى هذا النبي أن يمتلك تنبهاً خاصاً يؤهله لوظيفة الإرشاد بدلالة الوحي وهذا التنبه ( لا يكون إلّا فيمن بلغ الغاية في الصفاء والاستقامة ، وهو نادر يتحقق في الأوحدي من الناس ) (٣).
وبهذا التنبه الخاص يدرك النبي ـ بواسطة قوى ربانية اصطفي لمنحها إيّاه ـ ( الأوامر الإلهية والدستور الغيبي غير المحسوس بالعقل أو
________________
(١) الأعمال الكاملة / محمد عبده : ٤١٥.
(٢) أصول الدين الإسلامي / محمد جمال الهاشمي : ٦٩ ـ ٧٤ ( بتصرف ) ط١ دار الباقر ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف ( ١٣٨٢ هـ ، ١٩٦٢ م ).
(٣) القرآن في الإسلام / الطباطبائي : ١٠٧.