الحواس وهذه الحالة هي من حالات النبوة وبها يتلقّى النبيّ الشريعة الإلهيّة ) (١).
وتميّز النبي خصيصة أخرى يختلف بها عن سائر البشر ، إذ الإنسان في حالة الاتصال بعالم الغيب لابد له من الخروج عن القيود التي تربطه بعالمه المحدود المادي ، أما النبي فهو لا يحتاج إلى الخروج من عالم الجسد المادي إلى عالم الروح الغيبي من أجل إدراك الغيب والإطلاع عليه من خلال تلقي الوحي (٢).
ويحدد الفخر الرازي الخصائص المميزة لقوى النبي بثلاث :
أحدها : في قوته العاقلة وهو أن يكون كثير المقدمات ، سريع الانتقال منها إلى المطالب من غير غلط يقع له فيها.
ثانيها : في قوته المتخيلة وهو أن يرى في حال يقظته ملائكة الله تعالى ، ويسمع كلام الله ، ويكون مخبراً عن المغيبات الكائنة والماضية والتي ستكون.
ثالثها : أن تكون نفسه متصرفة في مادة هذا العالم فيقلب العصا ثعباناً والماء دماً ، ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله ... إلخ (٣).
وبهذه القدرات والقوى والملكات تكاملت النفوس النبوية وصارت أوعية نقية مهيأة لتلقي الفيض الإلٰهي وللاختصاص بنعم وألطاف لم يكن لغيرهم إليها من سبيل تمثّلت بـ ( الوحي والتكليم ونزول الروح والملائكة
________________
(١) القرآن في الإسلام / الطباطبائي : ٩٠.
(٢) الوحي المحمدي / محمد رشيد رضا : ١٨٠.
(٣) المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات / الفخر الرازي ٢ : ٥٢٣ ، مكتبة الأسدي ، طهران ( ١٩٦٦ م ).