المراد في الآيه بالتكليم من وراء الحجاب أن يكون بأن ينصب لهم تعالى أدلة تدلّهم على ما يريده أو يكرهه منهم فيكون من حيث نصب الدلالة على ذلك مخاطباً ومكلّماً (١).
٥ ـ ما ذهب إليه الشيخ الطوسي ونقله عن غيره بأن الحجاب هنا لا يراد به الحجاب بالذات وإنّما المراد أن التكليم الواقع هو بمنزلة المسموع من وراء حجاب (٢).
٦ ـ ومن المفسرين من فهم من الحجاب أنه واسطة بين المتكلم والمكلَّم ، فيكون الوحي من وراء حجاب هو الوحي بواسطة ، إلّا أن الواسطة هنا لا توحي ولا يكون الكلام قائماً بها كقيام الكلام بالمتكلم وإنّما هي ( حجاب احتجب سبحانه به فكلمه من ورائه بما يليق بساحة قدسه من معنى الاحتجاب ) (٣).
٧ ـ اكتفى بعض المفسرين ببيان أن الحجاب في الآية إنّما يرجع إلى الخلق ( المكلّم ) دون الخالق ، مدفوعاً بذلك إلى تنزيهه تعالى عن الجسميات (٤).
فالصحيح إذن هو أن ( الحجاب ) في الآية الشريفة دليل صارخ على عدم الرؤية ، وأنه لا يمكن إدراكه تعالى بأية صورة حسية تؤدي إلى تجسيمه وتشبيهه بشيء من خلقه. خلافاً لمن لم يقدّروا الله حقّ قدره فشبّهوه تعالى
________________
(١) أمالي المرتضى ٢ : ٢٠٦.
(٢) انظر : التبيان ٩ : ١٧٧.
(٣) انظر : الميزان ١٦ : ٣٢ و ١٨ : ٧٣.
(٤) انظر : الأسماء والصفات / البيهقي : ١٩٣.