البشري المحدود المقيَّد ، فهو غيب بالنسبة إلى الإنسان إذ ( يقال للشيء غيبٌ وغائب باعتباره بالناس لا بالله تعالى فإنّه لا يغيب عنه شيء ) (١) ، قال تعالى : ( لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ) (٢) ، وقال تعالى : ( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (٣) ، وقال تعالى : ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ) (٤).
وأما ما يشتمل عليه إطلاق لفظ الغيب مما لا يقع عليه الحس فهو ( الله سبحانه وتعالى وآياته الكبرى الغائبة عن حواسنا ومنها الوحي ) (٥).
والإيمان بالوحي وإثباته معتمد أساساً ومستلزم للإيمان بالغيب وإثباته ، لأنّ إنكار الغيب ( وبضمنه وجوده تعالى ) هدم لأهم أسس العقيدة ، وبه يقع على الإنسان اسم الإلحاد (٦).
فالإيمان بالغيب أصل من أصول الإيمان ، وبإضافة الإيمان بالوحي ( النبوة ) والإيقان بالآخرة يستجمع ( الإيمان بالله تعالى ليتم بذلك الإيمان بالأصول الثلاثة للدين ) (٧).
ويتأكد ارتباط الوحي بالغيب وكونه وسيلة المعرفة الرئيسية له في أن الوحي من خلال القرآن الكريم ( أخبر في عدة من آياته عن أمور مهمة تتعلّق
________________
(١) المفردات : ٣٦٦.
(٢) سورة سبأ : ٣٤ / ٣.
(٣) سورة النمل : ٢٧ / ٧٥.
(٤) سورة هود : ١١ / ١٢٣.
(٥) الميزان / الطباطبائي ١ : ٤٥.
(٦) المفردات : ٣٦٦.
(٧) الميزان ١ : ٤٥.