بما يأتي من الأنباء
والحوادث ، وقد كان في جميع ما أخبر به صادقاً لم يخالف الواقع في شيء منها ، ولا شكَّ أن هذا من الإخبار بالغيب ولا سبيل إليه غير طريق الوحي والنبوة ) (١). فمعارف الوحي الإلٰهي وحقائقه
التي يفيض بها هي في معظمها حقائق غيبية لم يستطع العقل البشري إدراكها وغابت عن البشر قبل ورود الوحي بها ، ونلاحظ في هذا الورود التأكيد بشدة على اختصاص علم هذ الغيب به تعالى فلا سبيل إليه إلّا منه سبحانه. ولا شكَّ أن لهذا الاختصاص به تعالى
علّة ترتبط ارتباطاً قوياً بأبعاد الغيب نفسه ، إذ العلم به وبأبعاده تستلزم الإحاطة بمصاديقه ومبادئه وعلَّله ، وبما أن غيره تعالى أيّاً ما كان ( محدود الوجود لا سبيل له إلى الخارج منه الغائب عنه ، من حيث أنه غائب ، ولا شيء غير محدود ولا غير متناه محيط بكل شيء إلّا الله سبحانه ) (٢)
، فلا تكون الإحاطة بالغيب إلّا لَهُ وحده تبارك وتعالى ، قال تعالى : (
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ) (٣)
، و ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )
(٤) ، و (
قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ )
(٥). وبربط هذه الآيات
الكريمة مع آيات أخرى تعرضت إلى ذكر الغيب ، كقوله تعالى : (
وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ________________
(١) البيان في تفسير القرآن / السيّد الخوئي : ٨١.
(٢) الميزان / الطباطبائي ٨ : ٣٧٢.
(٣) سورة الأنعام : ٦ / ٥٩.
(٤) سورة النحل : ١٦ / ٧٧.
(٥) سورة النمل : ٢٧ / ٦٥.