الثاني : وصف ما نزل به على النبي صلىاللهعليهوآله وألقاه عليه : بالروح ، قال تعالى : ( يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ... ) (١). وقال تعالى : ( رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ) (٢). وقد اختلف في معنىٰ الروح الوارد في الآيتين وفي غيرهما ، فمنهم من يرى أن المراد بالروح هنا هو الوحي وهو ما اختاره الشريف الرضي (٣) ، وقيل : إنّ المراد النبوة. وهو ما نقله الشيخ الطوسي عن بعض المفسرين (٤).
وذهب مفسرون آخرون إلى أن المراد بالروح هو الروح المصاحبة للأنبياء فهي روح تتنزل مع الملائكة (٥) ، والأقرب إلى المراد بالروح في الآيتين هو الوحي ، لأنه خص بمن اصطفاه الله تعالى ، وعلق نزوله على بعض الناس دون بعض بمشيئته تعالى ، ومما قيل في سبب وصفه بالروح عدة معان كقولهم : إن السبب أن الناس يحيون به من موت الضلالة ، وينشرون من مدامن الغفلة ، أو لأنّه تحيى به القلوب الميتة بالجهل ، أو أنه يقوم في الدين مقام الروح من الجسد (٦).
وفي الروح معانٍ أخرى مختلفة باختلاف ورودها في القرآن الكريم
________________
(١) سورة النحل : ١٦ / ٢.
(٢) سورة المؤمن : ٤٠ / ١٥.
(٣) انظر : تلخيص البيان في مجازات القرآن / الشريف الرضي : ١٠٥ و ١١٠.
(٤) انظر : التبيان ٩ : ٦٢.
(٥) الميزان / الطباطبائي ١٧ : ٣١٨.
(٦) انظر : تلخيص البيان / الشريف الرضي : ٢١١.