فيلاحظ أن الآية السابقة قوله تعالى : ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا ) (١). مشفوعة بآيات أخرى دالّة على التفريق ومن ذلك :
١ ـ تعهده تعالى بحفظ الوحي ( القرآن ) وجمعه قال تعالى : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) (٢) ، ولا شك أن التعهد بجمعه إشارة تؤكّد كونه نزل منجماً متفرّقاً.
٢ ـ رده تعالى على الطاعنين في هذا التفريق بقولهم فيما حكاه تعالى عنهم ( لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ) فأثبت تعالى أنه أنزله على غير هذه الحال بتنزيله مفرقاً للحكمة المذكورة في آخر الآية وذلك قوله تعالى : ( ... كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ) (٣) ، أي كذلك أُنزل متفرّقاً (٤).
٣ ـ ما يستفاد من لفظ التعبير عن النزول بصيغتين هما :
أ ـ التنزيل : الذي يدل على نزوله متفرقاً كما استفاده جمع من المفسرين (٥).
وهو ما يؤكده القرآن الكريم في أنه لا يعبر بصيغة التنزيل إذا كان الحديث في مقام البيان عن القرآن كوحدة متكاملة بمعنى الكتاب كاملاً دفعة واحدة ، قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ ... ) (٦) ، وقال
________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ١٠٦.
(٢) سورة القيامة : ٧٥ / ١٦ ـ ١٧.
(٣) سورة الفرقان : ٢٥ / ٣٢.
(٤) الكشاف ٣ : ٩٠.
(٥) اُنظر : الميزان ١٥ : ٢٠٩.
(٦) سورة آل عمران : ٣ / ٧.