خفية تختص بمن
يتلقاها وتتطلب وَعيا واستعدادا خاصا يختص به النبي ليجد كل تلك المعارف مائلة في إدراكه النفسي لَسَهُلَ علينا تصور مثل تلك الآثار الظاهرة عليه هذه الآثار يسميها بعض المفسرين ببَرْحاءُ الوحي (١)
وهي من وجه آخر إنّما تنتج من حالة تلقي الرسول عن الملك بما يتطلب منه تجرداً عن حدود إدراكاته البشرية العادية ويُعَبّرون عن هذه الحالة باستغراق الرسول صلىاللهعليهوآله
في لقاء الملك الروحاني (٢). إذن فإنّ التغاير بين الطبيعَتَين
اللتَين ينتمي إليهما كل من المَلَك والنبي تُمثِّل سبباً رئيسياً في بروز تلك الآثار الخارجية على مظهر النبيّ البدني كتفصده عرقاً ونحو ذلك. ولإتمام هذا اللقاء بين الطبيعتين
المتغايرتين فإنّ بعض الباحثين يرى أنه يُستوجَب أحد أمرين تتعلق بها تلك الظواهر الخارجية وهما (٣)
: أ ـ
إمّا أن يتّصف النبي صلىاللهعليهوآله
بوصف ملك الوحي باستثارة الروحانية فيه وتقويتها وتغليبها على الأوصاف البشرية. ب ـ
وإمّا أن يتّصف ملك الوحي بوصف النبيّ البشري ، فتتغلّب عليه الأوصاف البشرية ومجمل القول في هذه الآثار أن حالة الشدة في التلقي لا تتعدّى في تأثيرها أحوال النبي الجسدية ، فنحن نجده وهو يتلقى الوحي ( يتمتّع بحالة عادية وبحُرّية عقلية ملحوظة من الوجهة النفسية بحيث يستخدم ذاكرته استخداماً كاملاً خلال الظاهرة نفسها ... وهذا التلازم بين ________________
(١) الميزان ١٥ : ٣١٧.
(٢) مناهل العرفان : ٥٧.
(٣) نبوة محمد في القرآن / حسن ضياء الدين عتر : ١٩٤.