وما يُلقى إلى البشر من الغيب الذي جوَّزته الآيات الكريمة لا يشمل كل ما يقع تحت اسم الغيب ، فالغيب الإلٰهي أنواع لا يلقى إلى البشر إلّا النزر اليسير منها ، ... عن الفضيل عن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق عليهالسلام قال : « إن لله علما لم يَعلَمهُ إلّا هو ، وعلما أعلَمهُ ملائكته وأنبياءَه ورسله ، وما أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله فنحن نعلمه » (١).
ويُقَسِّم محمد رشيد رضا الغيب على قسمين : ( غيب حقيقي لا يعلمه إلّا الله ، وغيب إضافي يعلمه بعض الخلق دون بعض لأسباب تختلف باختلاف الاستعداد الفطري والعمل الكسبي ) (٢).
وزاد الشيخ محمد جواد مغنية نوعاً ثالثاً ، فأنواع الغيب عنده ثلاثة (٣) :
١ ـ نوع يحجبه الله عن عباده لايُطلِعُ عليه أحداً كائناً من كان كقيام الساعة.
٢ ـ نوع يُطلِعُ عليه من ارتضى من عباده ...
٣ ـ نوع أخبر به كُلَّ الناس كالبعث والنشر والجنة والنار ... إلخ.
ومن خلال هذه الأنواع ومراتب معرفة البشر واطّلاعهم عليها نستطيع أن نتبيَّن الاختلاف والتفريق بين علمه تعالى بالغيب وعلم البشر ممن ارتضاهم لاطّلاعهم عليه فيتمثل لنا الاختلاف في ( أن إخبار الرسول [ البشر ] لايكون علما بالغيب بل نقلاً عمن يعلم الغيب ) (٤).
فعلمه تعالى هو الأصل ، وعلم غيره فرع من ذلك الأصل ، كما يختلف
________________
(١) انظر : أمالي الشيخ الطوسي ١ : ٢١٩.
(٢) الوحي المحمدي / محمد رشيد رضا : ١٨١.
(٣) التفسير الكاشف ٣ : ٤٣١.
(٤) الكاشف ٣ : ٤٣١.