الخصوص والعموم في
معنى الرسالة. فالقائلون برسالة بعضهم دون بعض فهموا من الرسالة والإرسال معنى خاصاً ينحصر بما كان إرسالاً لهم بالوحي والتشريع إلى الأنبياء عليهمالسلام. وفهم آخرون المعنى العام للرسالة في
كونهم وسائط بينه تعالى وبين خلقه عموماً في إجراء الأوامر التكوينية. وهذا التوفيق بين الرأيين مستند إلى أن
الآيات الكريمة نفسها عبرت عنهم بلفظ الرسل في مواضع عديدة بغض النظر عن كون إرسالهم إلى الأنبياء أو في وظائف أخرى. قال تعالى : (
إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ) (١).
وقال تعالى : ( ... حَتَّىٰ
إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ... ) (٢). وما يهمنا في هذا المقام الطريق الذي
يتلقى به الملائكة الوحي ثم يقومون بإبلاغه إلى الأنبياء عليهمالسلام.
وسينحصر بحثنا في ذلك على ما دار حول قوله تعالى : ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ
إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ... ) (٣)
الآية. يظهر من محاولات المفسرين تفسير هذه الآية والكيفية التي يوحي بها تعالى إلى الملائكة أنهم يلجؤون إلى العموميات دون أن يدخلوا في التفاصيل المحتملة لذلك. ففي تفسيره للوحي إلى الملائكة نجد الشيخ الطوسي يعتمد على عنصر الخفاء في معنى الوحي عموماً ليتخذه أساساً في فهمه للوحي إليهم. فهذا الوحي للملائكة يشير إليه الشيخ الطوسي بأنه يكون من وجه يخفى كما يمكن أن يكون بأنه تعالى ________________
(١) سورة يونس : ١٠ / ٢١.
(٢) سورة الأنعام : ٦ / ٦١.
(٣) سورة الأنفال : ٨ / ١٢.