ينصب دليلاً يخفى
إلّا على من ألقي إليه من الملائكة (١). وذهب مفسرون آخرون إلى أن هذا الوحي كان
بواسطة ملائكة آخرون من بين عموم الملائكة ، إذ اعتبروا أن هذه الطريقة هي طريقة عامة في خطابه تعالى للملائكة والتي من مصاديقها ما عبرت عنه بعض الآيات بصيغة ( القول ) وتصريفاتها المنسوبة إليه تعالى موجهة إلى الملائكة وذلك كقوله تعالى : ( ... وَإِذْ قُلْنَا
لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ... ) (٢)
الآية. فهؤلاء المفسرون يرون أن طريقة ذلك الخطاب
للملائكة هو أن الوحي كان منه تعالى إلى من بعثه إليهم من الرسل ـ من بينهم ـ لأنّ كلام الرسول كلام المرسل (٣). وهذا الرأي بلا شك لم يحدد أيضاً ماهية
وكيفية الوحي إلى الملائكة لأنّه لم يوضح كيف تَلقّى أولئك الرسل من بين الملائكة الوحي وطريقة ذلك. ويورد الراغب الأصبهاني في تفسير آخر
يعتمد خصوصية عالم الملائكة وكونهم مطلعين على اللوح المحفوظ والقلم ، فيرى أن الوحي إليهم كان ( بواسطة اللوح والقلم ) (٤). وقد حاول تفسير آخر أن يكون أكثر
تفصيلاً وتحديداً في بيان كيفية هذا الوحي وذلك فيما نقله الطبرسي في معرض تفسيره لقوله تعالى : (
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ )
فما قيل في صفة هذا الأمر الإلٰهي للملائكة بالسجود ________________
(١) التبيان / الطوسي ٥ : ٨٧.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٣٤.
(٣) مجمع البيان ١ : ٨٣.
(٤) المفردات : ٥١٦.