كما أَولى أُولي العقول عقولهم (١).
ومن عجائب تصرف النحل الدالة على أن ذلك بوحي وعلم إلٰهي لها ما يلتفت إليه الفخر الرازي كبنائها البيوت المسدّسة من أضلاع متساوية لا يزيد بعضها على بعض فالعقلاء لا يمكنهم بناء ذلك إلّا بآلات وأدوات هندسية وإنّ بناء تلك البيوت بغير هذا الشكل المسدّس يترك بينها فرجاً خالية ضائعة ، وغير ذلك من التصرفات تجعله يخلص إلى أن حصول هذه الأمور منها ( ليس إلّا على سبيل الإلهام وهي حالة شبيهة بالوحي لا جرم قال تعالى في حقّها : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) ) (٢).
ولا شك أن مما لا مجال للشك فيه أن ما يصدر عن النحل من تصرفات عجيبة يعجز العقل البشري في كثير من حالاتها عن إيجاد التفسير العلمي لحقيقتها ويُسَلّم أنها إنما فطرت عليها بنوع من أنواع التعليم الإلٰهي المخصوص.
ومما يرد هنا أن العلماء حتى يومنا هذا عاجزون تماما عن تفسير الطريقة التي يهتدي بها النحل إلى الخلية ، فبعد تجارب عديدة ووضع احتمالات أن يكون بواسطة قوة الإبصار أو العلامات الأرضية أو الرائحة توصل العلماء إلى أن النحل قادر على الاهتداء إلى خليته حين تحجب هذه الأمور عنه ويُغَيَّرُ مكان الخلية وكانوا يخلصون من تجاربهم دائماً إلى أن هذا الحيوان في تصرفاته العجيبة في حياته مبني على هذه الصورة بالخلقة مدفوع على ذلك بالطبع ... وأن ما يقوم به ليس بتصرف العقل وإنّما سلسلة مترابطة
________________
(١) الكشاف ٢ : ٤١٧.
(٢) مفاتيح الغيب ٢٠ : ٧١.