لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ) (١). وهم لايستطيعون لأنّ الوحي الإلٰهي محروس محفوظ من وصولهم إليه ، إذ يُرجَمون لو حاولوا ، قال تعالى : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ * لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ) (٢). وما دام الوحي محروساً فلا سبيل للشيطان إليه إلّا ما استثني من استراقه السمع ، فالشياطين تصعد إلى السماء محاولة استراق السمع لما يدور في الملأ الأعلى وهو عالم الملائكة ، إذ يقتربون منه ( للاطلاع على أسرار الخلقة والحوادث المستقبلة ) (٣). وهؤلاء ممن يسترقون السمع يجدون بانتظارهم حفظة الوحي وحراسه الذين يقذفون تلك الشياطين بالشهب ، قال تعالى : ( ... إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ) (٤).
وإذا كانت الصفة المطلقة لهذا الوحي الشيطاني أنّه كذب فإنّ هناك من الأخبار ما يتضمن مغيبات وأسرارا يصدق أخبارهم فيها وهي مما لا مصدر له إلّا بوحي إلٰهي : وقد قال المفسرون في ذلك : إن بعض هؤلاء الشياطين ممن يسترقون السمع فيُقذَفون بالشهب يأتي أصحابه فيبلّغهم ما استرقه من أخبار قبل أن يهلك ... عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضياللهعنه قال : « تصعد الشياطين أفواجاً تسترق السمع فينفرد المارد منها ، قال تعالى : ( وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ) (٥) فيعلو فيرمى بالشهاب فيصيب جبهته أو جبينه أو حيث شاء الله
________________
(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ٢١٠ ـ ٢١١.
(٢) سورة الصافّات : ٣٧ / ٦ ـ ٨.
(٣) انظر : الميزان / الطباطبائي ١٧ : ١٢٣ ـ ١٢٥.
(٤) سورة الحجر : ١٥ / ١٨.
(٥) سورة الصافّات : ٣٧ / ٧.