ومجاله الذي يبرز
فيه. فالأنبياء عليهمالسلام
معصومون تجاه تأثير الشيطان في وحيه ووسوسته لأنّ نفوسهم الطاهرة لاسبيل لنجاح إلقاءات الشيطان إليها ، لأنّه تعالى يهديهم ويلطف بهم فيدفع عنهم تلك الإلقاءات. وإن تمكينهم من رؤية الشيطان من
المصاديق المهمة على عصمتهم هذه ، فإنّ الله تعالى تحدَّى الشيطان في أن يكون له سلطان على عباده المخلصين ، قال تعالى : (
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )
(١) ، ولا شك أن
الأنبياء أولى من سائر العباد في انتفاء سلطان الشيطان عليهم ، سواء كان ذلك السلطان على ما يلقى إليهم من وحي لتبليغه للعباد ، أو السلطان في توجيه أفعالهم وإزلالهم وصدِّهم عن السبيل ، ولا يمكن القول غير هذا في حق من أرسلهم تعالى لهداية البشر وليكون ما يبلّغوه عن الله إلى العباد في مقابل ما يلقيه الشيطان ويدعوهم إليه. فإذا جُوِّز أن يلقي الشيطان حتى إلى
هؤلاء الرسل ، بل ويعبث في الرسالات التي يبلغونها ويفسد فيها بما يلقيه ، أصبحت الرسالة كلها مهددة والثقة بصدورها عنه تعالى احتمالية وهو ما يتناقض مع أسس العقيدة والتشريع. ومن هنا تصبح الروايات التي ترد بما
يشير إلى إلقاء الشيطان وتدخله في الوحي أخباراً ضعيفة وباطلة لا أساس متين لها من نقل أو عقل حتىٰ يمكن الاعتقاد بصحتها ، والاعتقاد بتلك الروايات يُعَدُّ طعنا في النبوة والوحي. ________________
(١) سورة الحجر : ١٥ / ٤٢.