الكتاب الكريم على
وجود التفاضل والاختلاف بين المرتبتين ، كما أن دلائل عديدة تشير إلى الاختلاف من وجوه متعددة من ضمنها عموم شريعة الرسول وخصوص نبوة النبي ، ومن ضمنها أيضاً أن الرسول من له شرع خاص به مستقل عمن سبقه أو مكمِّل له. والنبي قد لا يأتي بشرع جديد أصلاً بل يتبع شريعة من قبله كأنبياء بني إسرائيل ، كما أن التبليغ وعدمه يشكلان فرقاً آخراً مهماً بين المرتبتين. ومما يستدل به على هذا التفريق ، وثبوته ما رواه عبد الرحمن بن كثير الهجري ، عن إمامنا الباقر عليهالسلام
في أن عدد الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي ، خمسة منهم أولو العزم (١)
، وما رواه أبو ذر الغفاري رضياللهعنه
، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله
، قال : « .. قلت : يا رسول الله كم النبيون ؟ قال : «
مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي
، قلت : كم المرسلون منهم ؟ قال صلىاللهعليهوآله
: ثلاثمائة
وثلاثة عشر جمّاء غفيراء »
(٢). وهذه الوجوه وغيرها من اعتبارات أخرى ، مما
يتميز بها بعض الأنبياء دون بعض كما يتميز بها بعض الرسل دون سائر الأنبياء عليهمالسلام. والتفاضل بين الأنبياء أمر أيدته الآيات
الكريمة في ظواهرها كما دلّت عليه آيات أخرى بصورة غير مباشرة ، قال تعالى : (
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ .. )
(٣). ________________
(١) بصائر الدرجات : ١٤١ / ١ باب نادر ، وأصول الكافي ١ : ٢٢٤ / ٢ باب أن الأئمّة ورثوا علم النبي صلىاللهعليهوآله وجميع الأنبياء والأوصياء من كتاب الحجّة ، وعنه في بحار الأنوار ١١ : ٤١ / ٤٣.
(٢) الخصال / الشيخ الصدوق : ٥٢٣ ـ ٥٢٤ / ١٣ أبواب العشرين فما فوقه ، ومعاني الأخبار له أيضاً : ٣٣٢ ـ ٣٣٣ / ١ باب معنى تحية المسجد ، وفيه : ( جمّاً غفيراً ).
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٣.