لأنفسكم وعبيدكم أمثالكم بشر كبشر وعبيد كعبيد أن يشاركوكم فيما رزقناكم من الأموال تكونون أنتم وهم فيه على السواء من غير تفرقة بينكم وبينهم تهابون أن يستبدوا بالتصرف دونكم كما يهاب بعضكم من الأحرار ، فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم فكيف ترضون لرب الأرباب ومالك الرقاب من العبيد والأحرار وأن تجعلوا بعض عبيده له شريكا. قوله : ( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً ) [٣٦ / ٧٨ ] أي وصف وبين ، وكذا نظائرهما قوله : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ) [٣٠ / ٥٨ ] أي ولقد وصفنا كل صفة كأنها مثل في غرابتها ، وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة ولكن لقسوة قلوبهم وعنادهم إذا جئتهم بآية من آيات القرآن قالوا جئتنا بزور وباطل. قوله : ( أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً ) [ ٤٣ / ٥ ] أي نصرف ، يقال ضَرَبْتُ عنه وأَضْرَبْتُ عنه بمعنى ، وأصله أن الراكب إذا أراد أن يصرف دابته ضربها ، فوضع الضَّرْبَ موضع الصرف. قوله : ( فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ ) [ ٢ / ٦٠ ] الآية.
قِيلَ عَطِشَ قَوْمُ مُوسَى فِي التِّيهِ فَاسْتَسْقَى لَهُمْ فَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ : ( اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ ) الْآيَةَ.
ويتم الكلام في « حجر ». قوله : و ( يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ ) [ ١٣ / ١٧ ] أي يَضْرِبُ مثلا لهما. قوله ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً ) [ ١٨ /٣٢ ] أي اذكر لهم مثلا ، وضرب المثل : اعتبار الشيء بغيره. وفِي الْحَدِيثِ : « نَهَى رَسُولُ اللهِ أَنْ يَضْرِبَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلَاءً تَحْتَ شَجَرَةٍ ».
أي أن يجعل خلاء تحت شجرة يريد بها قضاء الحاجة. وضَرَبْتُ عليه خراجا : أي جعلته عليه وظيفة ، والاسم الضَّرِيبَةُ ، ومنه ضَرِيبَةُ العبد ، وهو ما يؤدي لسيده من الخراج المقدر عليه ، وهي فعيلة بمعنى مفعولة ، تجمع على ضرائب. ومنه حَدِيثُ كَسْبِ الْحَجَّامِ : « كَمْ ضَرِيبَتُكَ ».
وفِيهِ : « كَانَ الْمَوْلَى يَأْخُذُ مِنَ الْعَبْدِ