رَجُلاً يَزِيدُونَ رَجُلاً أَوْ يُنْقَصُونَ رَجُلاً ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ يَكُونُ أَخِي وَوَارِثِي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ بَعْدِي؟ فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ رَجُلاً رَجُلاً كُلُّهُمْ يَأْبَى ذَلِكَ وَأَقُولُ : أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ (ص). فَقَالَ : يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هَذَا أَخِي وَوَارِثِي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ بَعْدِي. فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَيَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ : قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعُ وَتُطِيعَ هَذَا الْغُلَامَ.
وَفِي الْحَدِيثِ : « لَعَنَ رَسُولُ اللهِ (ص) ثَلَاثاً مِنْهَا السَّادُّ الطَّرِيقِ الْمُقَرِّبَةِ ».
وقد مر شرحه في « غرب ». وتقرب إلى الله بشيء : أي طلب به الْقُرْبَةَ عنده. و « الْقُرُبَةُ » بسكون الراء والضم للاتباع : ما يُتَقَرَّبُ به إلى الله تعالى ، والجمع قُرَبٌ وقُرُبَاتٌ مثل غرفة وغرف وغرفات. و « الْقِرْبَةُ » بالكسر : ما يستقى به الماء ، والجمع « قِرَبٌ » كسدرة وسدر. واقْتَرَبَ : دنا. وتَقَارَبُوا : قَرُبَ بعضهم إلى بعض. و « الْقُرْبَانُ » بالضم : مثل الْقُرْبَةِ ، ومنه الْحَدِيثُ « الصَّلَاةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ » (١).
أي الأتقياء من الناس يَتَقَرَّبُونَ بها إلى الله تعالى ، أي يطلبون الْقُرْبَ منه بها.
وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِ : « مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً ».
المراد بِقُرْبِ العبد إلى الله تعالى الْقُرْبُ بالذكر والعمل الصالح لا قُرْبُ الذات والمكان ، لأن ذلك من صفات الأجسام والله منزه عن ذلك ومقدس ، والمراد بِقُرْبِ الله تعالى من العبد قُرْبُ نعمه وألطافه وبره وإحسانه إليه وترادف مننه وفيض مواهبه عليه. و « قَرِبْتُ الأمر » من باب تعب ، وفي لغة من باب قتل قُرْبَاناً بالكسر : فعلته أو دانيته. قيل ومن الأول ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى ) ومِنَ الثَّانِي « لَا تَقْرُبُوا الْحُمَّى ».
وقَارَبَ الإبل : أي جمعها حتى لا تتبدد. وقَارَبَ فلان فلانا : إذا كلمه
__________________
(١) الكافي ج٣ ص ٢٦٥.