فقوله ( وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) [ ٥ /٣ ] النُّصُبُ بضمتين : حجر كانوا يَنْصِبُونَهُ في الجاهلية ويتخذونه صنما فيعبدونه ، والجمع « الْأَنْصَابُ » ، وقيل هو حجر كانوا يَنْصِبُونَهُ ويذبحون عليه فيحمر بالدم. و « النَّصْبُ » مثل فلس لغة فيه ، وقرأ به السبعة ، وقيل المضموم جمع المفتوح ، مثل سقف جمع سقف. قوله : ( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ. وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ. وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ) [ ٨٨ / ١٧ ـ ١٩ ] الآية.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍ : رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ (ع) فَتْحُ أَوَائِلِ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَضَمُّ التَّاءِ.
والمفعول في جميعها محذوف ، والمعنى كيف خلقتها وكيف نَصَبْتُهَا وكيف رفعتها وكيف سطحتها. قوله : ( أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ) [٣٨ / ٤١ ] أي ببلاء وشر ، يريد مرضه وما كان يقاسيه من أنواع الوصب ، ويقال النَّصَبُ في البدن والعذاب في ذهاب الأهل والمال ، وأما نسبته إلى الشيطان لما كان يوسوس إليه من تعظيم ما نزل به من البلاء ويغريه إلى الجزع والتجأ إلى الله تعالى. قال الشيخ أبو علي : قرىء « نُصُبٌ » بضم النون وبفتح النون والصاد وبضمهما. قوله : ( وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ ) [ ١٦ / ٥٦ ] يعني بذلك ما كانت العرب يجعلونه للأصنام نَصِيباً في زرعهم وإبلهم وغنمهم ، فرد الله عليهم فقال : ( تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ). قوله : ( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا ) [ ٤ /٣٢ ] جعل تعالى ما قسمه لكل من الرجال والنساء على حسب ما عرفه من الصلاحية كسب له. قوله : ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً ) [ ٦ / ١٣٦ ] النَّصِيبُ : الحظ من الشيء ، يعني كفار مكة وأسلافهم ، كانوا يجعلون أشياء من الحرث والأنعام لله وأشياء منهما لآلهتهم ، فإذا رأوا ما جعلوه لله ناميا زاكيا رجعوا فجعلوه للآلهة وإذا زكى ما جعلوه للآلهة تركوه لها وقالوا إن الله غني.