قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : رُوِيَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ يَاقُوتَةً مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ لَهَا بَابَانِ مِنْ زُمُرُّدٍ شَرْقِيٍّ وَغَرْبِيٍّ وَقَالَ لآِدَمَ : اهْبِطْ لَكَ مَا يُطَافُ بِهِ كَمَا يُطَافُ حَوْلَ عَرْشِي ، فَتَوَجَّهَ آدَمُ مِنْ أَرْضِ الْهِنْدِ إِلَيْهِ مَاشِياً وَتَلَقَّتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا : بُرَّ حَجُّكَ يَا آدَمُ لَقَدْ حُجِبَ هَذَا الْبَيْتُ قَبْلَكَ بِأَلْفَيْ عَامٍ. وَحَجَّ آدَمُ أَرْبَعِينَ حِجَّةً مِنْ أَرْضِ الْهِنْدِ إِلَى مَكَّةَ عَلَى رِجْلَيْهِ ، فَكَانَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ رَفَعَهُ اللهُ أَيَّامَ الطُّوفَانِ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ. ثُمَّ إِنَّ اللهَ أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ بِبُنْيَانِهِ وَعَرَّفَهُ جَبْرَئِيلُ مَكَانَهُ .. إِلَى أَنْ قَالَ : وَجَاءَ جَبْرَئِيلُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنَ السَّمَاءِ ـ وَقِيلَ تَمَخَّضَ أَبُو قُبَيْسٍ فَانْشَقَّ عَنْهُ ـ وَقَدْ خُبِىَ فِيهِ أَيَّامَ الطُّوفَانِ ، وَكَانَ يَاقُوتَةً بَيْضَاءَ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَلَمَّا لَمَسَتْهُ الْحَيْضُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اسْوَدَّ.
قوله : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ ) [ ٢٤ /٣٦ ] يحتمل أن يتعلق بما قبله أعني مشكاة ، أو بما بعده أعني يسبح له رجال. والْبُيُوتُ قيل هي المساجد وقيل هي بيوت الأنبياء.
وَرُوِيَ عَنْهُ لَمَّا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ سُئِلَ أَيُ بُيُوتٍ هَذِهِ؟ قَالَ : بُيُوتُ الْأَنْبِيَاءِ. فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ (ص) هَذَا الْبَيْتُ مِنْهَا وَأَشَارَ إِلَى بَيْتِ عَلِيٍّ (ع) وَفَاطِمَةَ؟ قَالَ : نَعَمْ مِنْ أَفَاضِلِهَا (١).
قوله : ( أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ ) أي تبنى أو يعظم من قدرها.
قَوْلُهُ : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ) [ ٢٤ / ٢٩ ] الْآيَةَ. قَالَ الصَّادِقُ (ع) : هِيَ الْحَمَّامَاتُ وَالْخَانَاتِ وَالْأَرْحِيَةُ تَدْخُلُهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ (٢).
. والْبَيْتُ واحد الْبُيُوتِ التي تسكن.
وَأَهْلُ الْبَيْتِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) [٣٣ /٣٣ ] مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عليه السلام كَمَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ
وهُمُ الَّذِينَ أَدْخَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ (ص) تَحْتَ الْكِسَاءِ وَقَالَ : اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ
__________________
(١) سفينة البحار ج ١ ص ١١٥.
(٢) تفسير عليّ بن إبراهيم ص ٤٥٤.