لَا يَجِدُونَهَا وَلَا يُدْرِكُونَهَا إِلَّا بِمَشَقَّةٍ ، ثُمَّ إِنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ أَخْرَجَ حُوتاً يَوْمَ السَّبْتِ فَرَبَطَهُ إِلَى وَتِدٍ فِي السَّاحِلِ وَتَرَكَهُ فِي الْمَاءِ حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ أَخَذَهُ وَأَكَلَهُ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ بَيْتِ مِنْهُمْ فَأَخَذُوا وَشَوَوْا ، فَوَجَدَ جِيرَانُهُمْ رَائِحَةَ الشِّوَاءِ فَفَعَلُوا كَفِعْلِهِمْ وَكَثُرَ ذَلِكَ فِيهِمْ وَافْتَرَقُوا فِرَقاً ، فِرْقَةٌ أَكَلَتْ وَفِرْقَةٌ نَهَتْ وَفِرْقَةٌ قَالَتْ : ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ ) الْآيَةِ ، فَقَالَتِ الْفِرْقَةُ الَّتِي نَهَتْ : إِنَّا نُحَذِّرُكُمْ غَضَبَ اللهِ وَعِقَابَهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ وَاللهِ مَا نُسَاكِنُكُمْ فِي مَكَانٍ أَنْتُمْ فِيهِ ، وَخَرَجُوا مِنَ السُّورِ ثُمَّ غَدَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ فَضَرَبُوا بَابَ السُّورِ فَلَمْ يُجِبْهُمْ أَحَدٌ ، فَتَسَوَّرَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ السُّورَ فَقَالَ : وَاللهِ قِرَدَةٌ لَهَا أَذْنَابٌ تَتَعَاوَى ، فَنَزَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ فَدَخَلَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ فَعَرَفَتِ الْقِرَدَةُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ وَلَمْ تَعْرِفِ الْإِنْسُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْقِرَدَةِ ، فَيَأْتِي الْقِرْدُ إِلَى نَسِيبِهِ وَقَرِيبِهِ فَيَحْتَكُّ بِهِ وَيَلْصَقُ إِلَيْهِ فَيَقُولُ الْإِنْسِيُّ : أَنْتَ فُلَانٌ؟ فَيُشِيرَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ وَيَبْكِي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَاسْمَعْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى : ( وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ) إِلَى أَنْ قَالَ : فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنْ مُنْكَرٍ فَلَمْ نَنْهَ عَنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ آدَمَ : « فَأَلْقَى عَلَيْهِ السُّبَاتَ ».
بالضم : أي النوم الثقيل ، وأصله الراحة ، يقال منه سَبَتَ يَسْبُتُ من باب قتل. وسُبِتَ بالبناء للمفعول : غشي عليه. والسَّبْتُ : الدهر. والسَّبْتُ : ثلاثون سنة. ومنه قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ أُمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ « اصْبِرِي سَبْتاً أُبَشِّرْكِ بِمِثْلِهِ ».
وكان بين علي (ع) والنبي (ص) ثلاثون سنة. و « يوم السَّبْتِ » سمي به لأن الله تعالى خلق العالم في ستة أيام آخرها الجمعة ، فسمي يوم السابع يوم السبت لانقطاع العمل والأيام عنده. والسَّبْتَةُ : هو ثوب أبيض ، ومنه حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ : « رَبَطَتْ حَقْوَيْهَا بِسَبْتَةٍ وَسَدَلَتْ طَرَفَيْهَا خَلْفَهَا تَجُرُّهُ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِحَفْصَةَ : انْظُرِي مَا تَجُرُّ خَلْفَهَا كَأَنَّهُ لِسَانُ كَلْبٍ ».