لبقاء الناس فيها حتى يسكن فيها وينتفع من يجيء من بعده كما انتفع هو بعمل من كان قبله وسكن ، فإنه إذا علم أنه يطول عمره أحكم ما يعمل وحَرَثَ على ما يكسبه ، واعمل لآخرتك على إخلاص العمل وحضور النية والقلب في العبادات والإكثار منها ، فإنه من علم أنه يموت غدا يسارع إلى ذلك ، كَحَدِيثِ » صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ ».
وقيل الْحَدِيثُ مصروف عن ظاهره ، فإنه (ص) إنما ندب إلى الزهد في الدنيا والتقليل منها ونهى عن الانهماك فيها والاستمتاع بلذاتها ، وهو الغالب على أوامره ونواهيه فيما يتعلق بها فكيف يحث على عمارتها ، وإنما المراد أنه إذا علم أنه يعيش أبدا قل حرصه والمبادرة إليه ، ويقول إن فاتني اليوم أدركته غدا ، أي اعمل عمل من يظن أنه مخلد فلا يحرص في العمل ، فهو حث على الترك بطريقة أنيقة. والْحَرْثُ : كسب المال وجمعه ، يقال حَرَثَ الرجل حَرْثاً ـ من باب قتل ـ : جمعه ، فهو حَارِثٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ : « اخْرُجُوا إِلَى معائشكم وَحَرَائِثِكُمْ ».
أي مكاسبكم ، واحدها حَرِيثَةٌ. وحَرَثَةُ القرآن : مستثيرو دفائنه وكنوز علمه. والْحَارِثُ بن همام من أصحاب أمير المؤمنين صاحب لواء الأشتر يوم صفين. وحَارِثُ بن سراقة ـ بضم السين ـ شهد بدرا. والْحَارِثُ بن قيس شهد العقبة في السبعين وشهد بدرا وما بعدهما من الغزوات ومات في خلافة عمر. و « جبل حُورِيثَ » في دعاء السمات بالثاء المثلثة ـ على ما في النسخ المعتبرة ـ هو جبل بأرض الشام ، خوطب عليه موسى عليه السلام أول خطابه. والْمِحْرَاثُ : ما يحرك به النار. و « أبو الْحَارِثِ » من كنى الأسد
(حنث)
قوله تعالى : ( يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ