حتى أكون بمنزلة سمعه وبصره ـ انتهى.
وَفِي الْحَدِيثِ : « إِنَّ اللهَ يُحِبُ مِنَ الْخَيْرِ مَا تُعُجِّلَ ».
أي يرضى به ولا يكرهه. وفِيهِ « لَا تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى تَخْتَلِفَ بَنُو فُلَانٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا طَمِعَ النَّاسُ وَتَفَرَّقَتِ الْكَلِمَةُ وَخَرَجَ السُّفْيَانِيُّ ».
وتوضيح الحديث ـ على ما نقل ـ هو أن بني فلان يريد بهم بني العباس لم تنفق الملوك على خليفة وهذا معنى تفرق الكلمة ثم ينتهي بعد مدة مد يده إلى خروج السفياني ثم إلى ظهور المهدي (ع). و « الْحُبُ » بضم الحاء : الْمَحَبَّةُ ، وبكسرها الْحَبِيبُ. وحُبِّبَ إلى الشيء نقيض كُرِه. ومن كلام بعضهم « كل ذنب مَحْبُوبٍ » ومعنى كونه مَحْبُوباً ميل النفس إليه ، فإذا قوي الميل سمي عشقا. وحَبَبْتُهُ أَحِبُّه من باب ضَرَبَ ، والقياس أَحُبُّهُ بالضم لكنه غير مستعمل. وأَحَبُّهُ من باب تَعِبَ لغة. « تَحَابُّوا « أي أَحَبَ كل واحد منهم صاحبه. و « تَحَابَّا في الله » اجتمعا عليه بعمل صالح. ومِنْهُ « أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي ».
أي بعظمتي وطاعتي في الدنيا ، والجلال : العظمة. وفِيهِ « حُبُ الرَّسُولِ مِنَ الْإِيمَانِ ».
والمراد اتباعه ، فلا يرد أن الْحُبَ أمر طبيعي لا يدخل فيه الاختيار ، وممكن أن يراد الْحُبُ العقلي لا الطبيعي النفسي ، كالمريض يكره الدواء ويميل إليه لما فيه من النفع ، فكذا النبي (ص) لما فيه من صلاح الدارين ، ومن أعلى درجات الإيمان وتمامه أن يكون طبعه تابعا لعقله في حُبِّهِ.
وَفِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) : حَدِيثٌ يُرْوَى أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : إِنِّي أُحِبُّكَ. فَقَالَ لَهُ : أَعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً. فَقَالَ : لَيْسَ هَكَذَا قَالَ إِنَّمَا قَالَ لَهُ « أَعْدَدْتَ لِفَاقَتِكَ جِلْبَاباً ».
يعني يوم القيامة (١).
وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ
__________________
(١) انظر الكتاب ص ١٨٢.