قوله : ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ) [ ٥ /٣٣ ] الآية. قيل : مُحَارَبَة الله ورسوله مُحَارَبَة المسلمين ، جعل مُحَارَبَتِهِم كمُحَارَبَتِهِ ومُحَارَبَةُ رسوله تعظيما للفعل. وعند الفقهاء كل من جرد السلاح لإخافة الناس في بر أو بحر ليلا أو نهارا ضعيفا كان أو قويا من أهل الريبة أو لم يكن ذكرا كان أو أنثى فهو مُحَارِب. وفِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) : جُعِلْتُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى : ( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) قَالَ : فَعَقَدَ بِيَدِهِ فَقَالَ : « يَا عَبْدَ اللهِ خُذْهَا أَرْبَعاً بِأَرْبَعٍ » ثُمَّ قَالَ : « إِذَا حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَاداً فَقَتَلَ قُتِلَ وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ قُتِلَ وَصُلِبَ ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ وَإِنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْمَالِ نُفِيَ فِي الْأَرْضِ » (١).
وقد سبق كيفية النفي. قوله : ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ ) [٣ /٣٧ ] قِيلَ : بَنَى لَهَا غُرْفَةً فِي الْمَسْجِدِ وَجَعَلَ بَابَ الْغُرْفَةِ وَسَطَ الْحَائِطِ لَا يَصْعَدُ إِلَيْهَا إِلَّا بِالسُّلَّمِ وَاسْتَأْجَرَ لَهَا ظِئْراً تُرَبِّيهَا ، وَكَانَ إِذَا خَرَجَ يُغْلِقُ عَلَيْهَا الْبَابَ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا زَكَرِيَّا حَتَّى كَبِرَتْ.
قوله : ( فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ ) [ ١٩ / ١١ ] المِحْرَابُ بالكسر والسكون : الغرفة ، ومقام الإمام في المسجد ، والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس. ومَحَارِيبُ بني إسرائيل : مساجدهم التي كانوا يخطبون فيها. والمَحَارِيبُ : البيوت الشريفة ، وقيل هي المساجد والقصور يعبد فيها. وعن الأصمعي : سمي القصر مِحْرَاباً لأن المِحْرَاب مقدم المجالس وأشرفها وكذا من المسجد. وعن ابن الأنباري : سمي مِحْرَاباً لانفراد الإمام فيه وبعده من القوم ، يقال : « دخل
__________________
(١) البرهان ج ١ ص ٤٦٦. وانظر كيفية النفي في هذا الكتاب ج ١ ص ٤١٨.