حِسابٍ ) [ ٢ / ٢١٢ ] فيه أقوال : منها أن يعطيهم الكثير الواسع الذي لا يدخله الحساب من كثرته. قوله : ( إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) [ ٢ / ٢٨٤ ] أي إن تظهروا ما في أنفسكم من السوء أو تخفوه فإن الله تعالى يعلم ذلك ويجازيكم عليه. قال الطبرسي ولا يدخل فيه ما يخفيه الإنسان من الوسواس وحديث النفس لأن ذلك مما ليس في وسعه الخلو منه ، ولكن ما اعتقده وعزم عليه (١). وقوله ( وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ) [ ٦ / ٩٦ ] أي يجريان في أفلاكهما بحساب لا يتجاوزانه إلى أقصى منازلهما ، فيقطع الشمس جميع البروج الاثني عشر في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع ، والقمر في ثمانية وعشرين يوما ، وهي عليها الأيام والليالي والشهور والأعوام كما قال تعالى ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) [ ٥٥ / ٥ ] وقال ( وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) [ ٢١ /٣٣ ]. قوله ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) أي يجريان في منازلهما بحساب معلوم عنده.
وَعَنِ الرِّضَا (ع) وَقَدْ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ : ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) قَالَ : « هُمَا يُعَذَّبَانِ » قُلْتُ : الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يُعَذَّبَانِ؟ قَالَ : إِنْ سَأَلْتَ عَنْ شَيْءٍ فَأَتْقِنْهُ ، إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ يَجْرِيَانِ بِأَمْرِهِ مُطِيعَانِ لَهُ ، ضَوْؤُهُمَا مِنْ نُورٍ عَرْشِهِ وَجِرْمُهُمَا مِنْ جَهَنَّمَ ، فَإِذَا كَانَتِ الْقِيَامَةُ عَادَ إِلَى الْعَرْشِ نُورُهُمَا وَعَادَ إِلَى النَّارِ جِرْمُهُمَا ، فَلَا يَكُونُ شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ وَإِنَّمَا عَنَاهُمَا بِذَلِكَ لَعَنَهُمَا اللهُ تَعَالَى ، أَلَيْسَ قَدْ رَوَى النَّاسُ ... فُلَانٌ وَفُلَانٌ شَمْسَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَنُورُهُمَا ، فَهُمَا فِي النَّارِ ، وَاللهِ مَا عَنَى غَيْرَهُمَا (٢).
قوله : ( حُسْباناً مِنَ السَّماءِ ) [ ١٨ / ٤٠ ] بضم الحاء يعني عذابا. وقيل نارا. وقيل بردا ، واحدها حُسْبَانَةٌ قوله : ( وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً )
__________________
(١) هذا ليس نص كلام الطبرسي وإنما هو المفهوم من كلامه. انظر مجمع البيان ص ٤٠١.
(٢) البرهان ج ٤ ص ٢٦٣.