الْحَقَّ ».
وحَدِيثُهُ مَعَ الْعَجُوزِ الَّتِي سَأَلَتْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا بِالْجَنَّةِ وَهُو « لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَجُوزٌ ». مشهورٌ.
(مسح)
قوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) [ ٥ / ٦ ] الآية الْمَسْحُ بفتح الميم فالسكون إمرار الشيء على الشيء ، ويقال مَسَحَ برأسه وتَمَسَّحَ بالأحجار والأرض ، والباء فيه للتبعيض عند الإمامية ، ووافقهم على ذلك جمع من أهل اللغة ، وورد بها النص الصحيح عن الباقر عليه السلام (١) ، وإنكار سيبويه وابن جني مجيئها له مرجوح بالنسبة إلى خلافه. ويتم البحث في بعض إن شاء الله. قوله : ( فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ ) [٣٨ /٣٣ ] قيل هي قطعا ، لأنها كانت سبب ذنبه ، وقيل ضرب أعناقها وعراقيبها ، من مَسْحِهِ بالسيف قطعه ، وقيل مَسَحَهَا بيده ، وهذا كله عند من يجوز صدور الذنب على الأنبياء ، وليس بالوجه.
قَالَ الصَّدُوقُ : إِنَّ الْجُهَّالَ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ يَزْعُمُونَ أَنَّ سُلَيْمَانَ عليه السلام اشْتَغَلَ ذَاتَ يَوْمٍ بِعَرْضِ الْخَيْلِ ( حَتَّى تَوارَتْ ) الشَّمْسُ بِالْحِجابِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِرَدِّ الْخَيْلِ وَأَمَرَ بِضَرْبِ سُوقِهَا وَأَعْنَاقِهَا وَقَتْلِهَا وَقَالَ : إِنَّهَا شَغَلَتْنِي عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ، وليس كما يقولون جل نبي الله سليمان عن مثل هذا الفعل ، لأنه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها وأعناقها لأنها لم تعرض نفسها عليه ولم تشغله وإنما عرضت عليه وهي بهائم غير مكلفة ، والصحيح في ذلك ما رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عُرِضَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ بِالْعَشِيِّ الْخَيْلُ فَاشْتَغَلَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا ( حَتَّى تَوارَتِ ) الشَّمْسُ ( بِالْحِجابِ ) ، فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : رُدُّوا الشَّمْسَ عَلَيَّ حَتَّى أُصَلِّيَ صَلَاتِي فِي وَقْتِهَا ، فَرَدُّوهَا فَقَامَ فَمَسَحَ سَاقَيْهِ وَعُنُقَهُ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ فَاتَتْهُمُ الصَّلَاةُ مَعَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَكَانَ ذَلِكَ وُضُوءَهُمْ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَلَمَّا فَرَغَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَطَلَعَتِ النُّجُومُ ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى : ( وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ
__________________
(١) البرهان ج ١ ص ٤٥١.