عن حلائل الآباء ، وكل نكاح لهم فاسد ( إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ ) فإنكم لا تؤاخذون به ، وقيل ( إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ ) فدعوه فإنه جائز لكم. قال البلخي : وهذا خلاف الإجماع وما علم من دين الرسول ، وقيل معناه ولكن ما سلف فاجتنبوه ودعوه ، وقيل ( إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ ) أي إلا بِالنِّكَاحِ الذي عقده آباؤكم بعينه من قبلكم فَانْكِحُوا إذا أمكنكم وذلك غير ممكن ، والغرض المبالغة في التحريم لأنه من باب تعليق المحال ، وقيل إنه استثناء من محذوف أي ( لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ ) فإنه قبيح حرام معاقب عليه ( إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ ) في الجاهلية فإنكم معذورون فيه. ونَكَحَ يَنْكِحُ من باب ضرب ، والنِّكَاحُ الوطء ، ويقال على العقد فقيل مشترك بينهما ، وقيل حقيقة في الوطء مجاز في العقد ، قيل وهو أولى إذ المجاز خير من الاشتراك عند الأكثر ، وهو في الشرع عقد لفظي مملك للوطء ابتداء ، وهو من المجاز تسمية للسبب باسم مسببه. وهل هو أفضل من التبتل للعبادة أم العكس ، ولا قائل بالمساواة ، قيل والحق الأول لِقَوْلِهِ ص « مَا اسْتَفَادَ امْرُؤٌ فَائِدَةً أَفْضَلَ مِنْ زَوْجَةٍ مُسْلِمَةٍ » ـ الحديث (١). ولأنه أصل العبادة وسبب لها مع كونه عبادة ، ولاشتماله على بقاء النوع مع العبادة بخلاف باقي المثوبات.
(نوح)
قوله تعالى : ( سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ ) [٣٧ / ٧٩ ] نُوحٌ هو النبي المشهور ابن لامك بن متوشخ بن اخنوخ ـ وهو إدريس النبي ـ وهو اسم منصرف مع العجمة والتعريف لسكون وسطه كلوط ، وقِيلَ سُمِّيَ نُوحاً لِأَنَّهُ كَانَ يَنُوحُ عَلَى نَفْسِهِ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ ، وَنَحَّى نَفْسَهُ عَمَّا كَانَ فِيهِ قَوْمُهُ مِنَ الضَّلَالَةِ.
قِيلَ وَهُوَ أَوَّلُ نَبِيٍّ بَعْدَ إِدْرِيسَ ، وَكَانَ نَجَّاراً ، وَوُلِدَ فِي الْعَامِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ آدَمُ عليه السلام قَبْلَ مَوْتِ آدَمَ فِي الْأَلْفِ الْأُولَى وَبُعِثَ فِي الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ ابْنُ
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص٣٢٧.