والعشاء الآخرة وقد رقد به رقدة ، فعلمنا أن المراد من المُحَصَّب ما ذكرناه. و « التَّحْصِيبُ » المستحب هو النزول في مسجد المَحْصَبَةِ والاستلقاء فيه ، وهو في الأبطح ، وهذا الفعل مستحب تأسيا بالنبي (ص) ، وليس لهذا المسجد أثر في هذا الزمان ، فتتأدى السنة بالنزول في الأبطح قليلا ثم يدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح. و « ليلة الحَصْبَة » بالفتح بعد أيام التشريق ، وهو صريح بأن يوم الحَصْبَة هو يوم الرابع عشر لا يوم النفر ، يؤيده
مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (ع) وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مُتَمَتِّعٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ هَدْيٌ؟ فَأَجَابَ : « يَصُومُ أَيَّامَ مِنًى ، فَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ صَامَ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْحَصْبَةِ وَيَوْمَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ ».
وفي الحديث أمر بِتَحْصِيبِ المسجد ، وهو أن يلقى فيه الحَصْبَاءُ ، يقال : « حَصَبْتُ المسجد وغيره » بسطته بالحَصْبَاءِ ، وحَصَّبْتُهُ بالتشديد مبالغة ، فهو مُحَصَّبٌ بالفتح اسم مفعول. وحَصَبْتُهُ حَصْباً من باب ضرب : رميته بالحَصْبَاءِ ، وفي لغة من باب قتل. والحَصْبَةُ بالفتح فالسكون والتحريك لغة : بثر يخرج في الجسد. وحَصِبَ جلده بالكسر : إذا أصابته الْحَصْبَةُ.
(حطب)
قوله : ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) [ ١١١ / ٤ ] قيل هي النميمة ، يقال حَطَبَ فلان بفلان سعى به ، وقيل الحطب نفسه. قال الشيخ أبو علي في قوله ( حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) : قرأ عاصم ( حَمَّالَةَ ) بالنصب والباقون بالرفع ، فمن رفع جعله وصفا لامرأته ، ومن نصب فعلى الذم لها. وامرأته هي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان ، و ( حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) لأنها كانت تشوك الشوك فتطرحه في طريق رسول الله (ص) إذا خرج إلى الصلاة ليعقره. وحَطَبْتُ حَطَباً من باب ضرب : جمعته ، واحْتَطَبْتُ مثله ، ومنه الدُّعَاءُ « عَائِذٌ مِمَّا احْتَطَبْتُ عَلَى ظَهْرِي ».
أي مما جمعت واكتسبت من الذنوب على ظهري. و « الحَطَّابَةُ » بالتشديد : الذين يَحْتَطِبُونَ الْحَطَبَ.