(حقب)
قوله تعالى : ( لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً ) [ ٧٨ / ٢٣ ] هو جمع » حُقُبٍ « بضمتين مثل قفل وأقفال ، أي ماكثين فيها زمانا كثيرا. وفيه أقوال :
قِيلَ مَعْنَاهُ أَحْقاباً لَا انْقِطَاعَ لَهَا كُلَّمَا مَضَى حُقُبٌ جَاءَ بَعْدَهُ حُقُبٌ آخَرُ ، وَالحُقُبُ ثَمَانُونَ سَنَةً مِنْ سِنِي الْآخِرَةِ (١).
وقِيلَ الْأَحْقَابُ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ حُقُباً كُلُ حُقُبٍ سَبْعُونَ خَرِيفاً كُلُّ خَرِيفٍ سَبْعَمُائَةِ سَنَةٍ كُلُّ سَنَةٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْماً كُلُّ يَوْمٍ أَلْفُ سَنَةً.
قوله تعالى : ( أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ) [ ١٨ / ٦٠ ] أي أبلغ إلى أن أمضي زمانا أتيقن معه فوات المجمع.
رُوِيَ أَنَّ مُوسَى (ع) خَطَبَ النَّاسَ بَعْدَ هَلَاكِ الْقِبْطِ وَدُخُولِهِ مِصْرَ خُطْبَةً بَلِيغَةً ، فَأُعْجِبَ فِيهَا ، فَقِيلَ لَهُ هَلْ تَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْكَ؟ فَقَالَ : لَا. فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ : بَلْ أَعْلَمُ مِنْكَ عِنْدَنَا الْخَضِرُ ، وَهُوَ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، وَكَانَ الْخَضِرُ فِي أَيَّامِ فِرِيدُونَ ، وَكَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ الْأَكْبَرِ ، وَبَقِيَ إِلَى أَيَّامِ مُوسَى (ع) (٢).
و « الحَقَب » بالتحريك قيل حبل يشد به رجل البعير إلى بطنه كيلا يتقدم إلى كاهله ، وهو غير الخِزام ، والجمع « أَحْقَابٌ ». وحَقِبَ بولُ البعير حَقَباً من باب تعب : إذا احتبس. ورجل حَاقِبٌ : أعجله خروج البول ، وقيل الحَاقِبُ الذي احتاج إلى الخلاء للبول فلم يبرز حتى حضر غائطه ، وقيل هو الذي احتبس غائطه.
وَفِي الْخَبَرِ : « لَا صَلَاةَ لِحَاقِنٍ وَلَا حَاقِبٍ » (٣).
وفسر الحاقن بالذي حبس بوله كَالْحَاقِبِ للغائط. وحَقِبَ العام : إذا احتبس وتأخر مطره. والحَقِيبَةُ : الرفادة التي تجعل في مؤخر القتب ، والجمع « حِقَابٌ ».
__________________
(١) جاء في معاني الأخبار ص ٢٢١ حديث عن الإمام الصادق (ع) ، وفيه : و ( الحقبة ) ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، واليوم ( كألف سنة ممّا تعدّون ).
(٢) تفسير علي بن إبراهيم ص٣٩٨.
(٣) معاني الأخبار ص ٢٣٧.