الفم ، والجمع « شَوَارِبُ ». وقد تكرر في الحديث. والشَّرْبَةُ من الماء : ما يُشْرَبُ به ، والمرة الواحدة من الشُّرْبِ ، ورجل أكلة كهمزة كثير الأكل والشرب. وفلان يَشْرَبُ الخمر : أي يُكثر شُرْبَهَا ، فإن أصل الشُّرْبِ كل حين.
وَفِي الْحَدِيثِ : « نُهِيَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِماً » (١).
قيل هو للتنزيه لأن أعضاء القائم ليست مطمئنة ساكنة ، فربما انحرف الماء عن موضعه المعلوم من المعدة فيؤذي. وما رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ (ع) شَرِبَ مَاءَ زَمْزَمَ قَائِماً.
فلبيان الجواز ، أو لأنه لم يجد للقعود موضعا للازدحام أو ابتلال المكان ـ انتهى. وحاصله الحكم بكراهة الشرب قائما مطلقا للعلة المذكورة ، وحمل ما ينافيه على بيان الجواز والضرورة وفيه بحث فإن التأويل المذكور بعيد فيما رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (ع) كَانَ يَشْرَبُ الْمَاءَ وَهُوَ قَائِمٌ (٢) ، وَأَنَّهُ (ع) تَوَضَّأَ ثُمَ شَرِبَ مِنْ فَضْلِ طَهُورِهِ قَائِماً ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْحُسَيْنِ (ع) وَقَالَ : يَا بُنَيَّ إِنِّي رَأَيْتُ جَدَّكَ رَسُولَ اللهِ (ص) صَنَعَ هَكَذَا (٣).
وما رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) أَنَا وَأَبِي فَأُتِيَ بِقَدَحٍ مِنْ خَزَفٍ فِيهِ مَاءٌ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ ، [ ثُمَّ نَاوَلَهُ أَبِي فَشَرِبَ مِنْهُ وَهُوَ قَائِمٌ ] ثُمَّ نَاوَلَنِيهِ فَشَرِبْتُ مِنْهُ وَأَنَا قَائِمٌ (٤).
والتعليل منقوض بما رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : « الشُّرْبُ قَائِماً أَقْوَى لَكَ وَأَصَحُّ » (٥).
ولعل الوجه في الجمع تقييد النهي المطلق بعد جعله للتنزيه بما إذا كان الشرب في الليل ، وتقييد
قَوْلُهُ : « الشُّرْبُ قَائِماً أَقْوَى لَكَ وَأَصَحُّ ».
بما إذا كان الشرب في النهار ، يدل على هذا التفصيل ما رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع)
__________________
(١) مكارم الأخلاق ص ١٧٣.
(٢) في الكافي ج ٦ ص٣٨٣ عن أبي عبد الله (ع) أنّه قال : قام أمير المؤمنين عليه السلام إلى إداوة ( فَشَرِبَ ) منها وهو قائم.
(٣) الكافي ج ٦ ص٣٨٣.
(٤) الكافي ج ٦ ص٣٨٣.
(٥) الإستبصار ج ٤ ص ٩٢.