ثم قال « وهل أتاك نبأ الخصم » هذا خطاب من الله لنبيه عليهالسلام ، وصورته صورة الاستفهام ومعناه الاخبار بما كان من قصة داود من الحكومة بين الخصمين ، وتنبيهه على موضع تركه بعض ما يستحب له أن يفعله.
والنبأ الخبر بما يعظم حاله ، والخصم هو المدعي على غيره حقا من الحقوق المتنازع له فيه. ويعبر به عن الواحد والاثنين والجمع بلفظ واحد ، لان أصله المصدر. ولذلك قال « إذ تسوروا المحراب » لأنه أراد المدعي والمدعى عليه ومن معهما ، فلا يمكن أن يتعلق به في أن أقل الجمع اثنان لما قال « خصمان بغى بعضنا على بعض » ، لأنه أراد بذلك الفريقين ، أي نحن فريقان خصمان ، أي يقول ما يقول خصمان ، لأنهما كان ملكين ولم يكونا خصمين ولا بغى أحدهما على الاخر ، وانما هو على المثل.
« فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط » معناه ولا تجاوز الحق ولا تجر ولا تسرف في حكمك بالميل مع أحدنا على صاحبه ، وأرشدنا إلى قصد الطريق الذي هو طريق الحق ووسطه.
(فصل)
ثم حكى سبحانه ما قال أحد الخصمين لصاحبه ، فقال « ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها » (١) قال وهب : يعنى أخي في ديني ، وقال المفسرون : انه كنى بالنعاج عن تسع وتسعين امرأة كانت له وان الاخر له امرأة واحدة. وقال الحسن : لم يكن له تسع وتسعون نعجة وانما هو على وجه المثل. وقال أبو مسلم : أراد النعاج بأعيانها. وهو الظاهر ، غير أنه خلاف أقوال المفسرين.
__________________
١) سورة ص : ٢٣.