وهي التي تبلغ الجوف ، لان في القصاص منهما تضريرا بالنفس.
ولا ينبغي أن يقتص الجراح بعد أن يندمل من المجروح ، فإذا اندمل اقتص حينئذ من الجارح ، وان سرت إلى النفس كان فيها القود.
وكسر العظم لا قصاص فيه وانما فيه الدية.
وكل جارحة كانت ناقصة فإذا قطعت كان فيها حكومة ولا يقتص بها الجارحة الكاملة ، كيد شلاء وعين لا تبصر وسن سوداء متأكلة ، فان في جميع ذلك حكومة لا تبلغ دية تلك الجارحة ، وقد روينا في هذه الأشياء مقدرا ، وهو ثلث دية العضو الصحيح.
والعين تقلع بالعين وان تفاوتتا في الصغر والكبر والحسن والقبح وزيادة البصر ، الا أن تكون عمياء.
(فصل)
وقوله تعالى « فمن تصدق به فهو كفارة له » الهاء في كفارة له يحتمل عودها إلى أحد أمرين :
أحدهما : ـ وهو الأقوى ـ أنها عائدة على المتصدق من المجروح أو ولي المقتول ، لأنه إذا تصدق بذلك على الجارح لوجه الله تعالى كفر الله بذلك عنه عقوبة ما مضى من معاصيه.
الثاني : أنها تعود على المتصدق عليه ، لأنه يقوم مقام أخذ الحق عنه.
وانما رجحنا الأول لان العائد يجب أن يرجع إلى مذكور وهو « من » والمتصدق عنه لم يجر له ذكر. على أنه لو كان ههنا كفارة وقصاص ـ كما قتل خطأ المؤمن في دار الاسلام كفارة ودية ـ لما سقطت الكفارة وان أسقط المجروح القصاص ، كما لا تسقط الكفارة في قتل الخطأ وان تصدقوا بالدية فتسقط.
ومعنى من تصدق به عفا عن الحق وأسقط.