فإذا ثبت هذا فإنه لا يلزم شئ منها الا بالقبض.
(فصل)
الهبات على ثلاثة أصناف : هبة لمن هو فوق الواهب ، وهبة لمن هو دونه ، وهبة لمن هو مثله. ويقتضي كل واحد منها الثواب (١) عندنا على بعض الوجوه.
وصدقة التطوع عندنا بمنزلة الهبة في جميع الأحكام ، ومن شرطها الايجاب والقبول ، ولا يلزم الا بالقبض أو ما يجرى مجراه.
[ وكل من له الرجوع في الهبة له الرجوع في الصدقة ] (٢).
وإذا كان لانسان في ذمة رجل مال فوهبه له كان ذلك ابراء بلفظ الهبة.
وقال قوم من شرط صحته قوله ، وهذا حسن لان في ابرائه من الحق الذي عليه منة عليه ولا يجبر على قبول المنة. وقال آخرون انه يصح شاء من عليه الحق أو أنى ، لقوله « فنظرة إلى ميسرة وان تصدقوا خير لكم » (٣) فاعتبر مجرد الصدقة ولم يعتبر القبول ، وقال الله تعلى « ودية مسلمة إلى أهله الا ان يصدقوا » (٤) فأسقط الدية لمجرد التصدق ولم يعتبر القبول. هذا أيضا قوي ظاهر.
__________________
١) المراد بالثواب ههنا العوض ، اما انه يقتضى الثواب فلما روى أبو هريرة عن النبي عليهالسلام أنه قال « الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها » ، واما اقتصار الثواب على بعض الوجوه فهو أن الواجب اما أن يطلق أو يشرط الثواب ، فان أطلق اقتضى أن يشبه قدر ما يكون ثوابا لمثله في العبادة ، وان شرط الثواب فإن كان الثواب مجهولا صح اجماعا ، وإن كان معلوما ففيه خلاف ـ وهذا خلاصة كلام الشيخ في المبسوط.
٢) الزيادة من ج.
٣) سورة البقرة : ٢٨٠.
٤) سورة النساء : ٩٢.