الميراث الذي يحرمه القاتل ظلما على سبيل العقوبة.
فان احتج المخالف بقوله « ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله » (١) فإن كان القاتل خطأ وارثا لما وجب عليه تسليم الدية.
فالجواب عن ذلك : ان وجوب تسليم الدية على القاتل إلى أهله لا يدل على أنه لا يرث ما دون هذه الدية من تركته ، لأنه لا تنافي بين الميراث وبين تسليم الدية. وأكثر ما في ذلك أن لا يرث من الدية التي يجب عليه تسليمها شيئا ، والى هذا نذهب.
(باب)
(ان المسلم يرث الكافر)
جميع ظواهر آيات المواريث دالة على أن المسلم يرث الكافر ، لان قوله « يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين » يعم المسلم والكافر. وكذلك آية ميراث الأزواج والزوجات والكلالتين.
وظواهر هذه الآيات كلها تقتضي أن الكافر كالمسلم في الميراث ، فلما أجمعت الأمة على أن الكافر لا يرث المسلم ، أخرجناه بهذا الدليل الموجب للعلم.
ونفي ميراث المسلم من الكافر تحت الظاهر كميراث المسلم من المسلم ، ولا يجوز أن يرجع عن هذا الظاهر بأخبار الآحاد التي يروونها ، لأنها توجب الظن ولا يخص بها ولا يرجع عما يوجب العلم من ظواهر الكتاب.
وربما عول بعض المخالفين لنا في هذه المسائل على أن المواريث بنيت على النصرة والولاء ، بدلالة قوله تعالى « والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا » (٢) فقطع بذلك الميراث بين المسلم المهاجر وبين المسلم الذي
__________________
١) سورة النساء : ٩٢.
٢) سورة الأنفال : ٧٣.