وحكمته وعدله أن يساوي في العقاب بين قاتل نفس واحدة وبين قاتل نفسين فكيف من قتل نوع الناس ، فإذا التشبيه مجاز والمراد به تهويل أمر القتل ومبالغة في الزجر عنه وأنه يستحق في الدنيا من كل مؤمن البراءة واللعنة والعداوة ، كما لو تعرض له نفسه بالقتل لا يستحق كل ذل منه لكون المؤمنون يدا واحدة على من سواهم.
وقد قضى الحسن بن علي عليهماالسلام في رجل اتهم بأنه قتل نفسا فأقر بأنه قتل ، وجاء آخر فأقر أن الذي قتل هو دون صاحبه ، ورجع الأول عن اقراره : أنه درأ عنهما القود والدية ودفع إلى أولياء المقتول الدية من بيت المال وقرأ هذه الآية ثم قال : هذا ان قتل ذلك فقد أحيا هذا (١).
والأولياء هم الوراث من الرجال ، فمن الأولاد الذكور ومن الأقارب من كان ذكرا من قبل الأب.
(باب)
(القتل الخطأ المحض)
قال الله تعالى « وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله الا أن تصدقوا » (٢).
اعلم أن النفي ههنا متعلق بالجواز في دين الله وحكمه ، أي لا يجوز ذلك في حكم الله. والظاهر اخبار بانتفاء الجواز ويتضمن النفي ، أي فلا تفعلوه. ولدخول كان إفادة أن هذا ليس حكما حادثا بل لم يزل حكم الله على هذا.
وقد ذكر الله تعالى في هذه الآية ديتين وثلاث كفارات :
ذكر الدية والكفارة بقتل المؤمن في دار الاسلام فقال « ومن قتل مؤمنا
__________________
١) وسائل الشيعة ١٩ / ١٠٧ وما هنا نقل بالمعنى.
٢) سورة النساء : ٩٢.