قد جرت العادة بحصول النفع عنده أو بقصده فيؤدى ذلك إلى الموت. فان هذا وما قدمناه يحكم فيه بالخطأ شبيه العمد يلزم فيه الدية مغلظة ، ولا قود فيه على حال.
والدية فيه تلزم القاتل بنفسه في ماله خاصة ، وان لم يكن له مال استسعى فيها أو يكون في ذمته إلى أن يوسع الله عليه. والدية في ذلك مائة من الإبل أثلاثا ، وهذه الدية تستؤدى في سنتين.
وعلى هذا القاتل بعد اعطاء الدية كفارة عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد كان عليه صيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا ، كما على قاتل الخطأ المحض ، لان الآية أيضا دالة عليه.
وكفارة قتل العمد بعد العفو له ببدل أو بلا بدل هذه الثلاثة. والدليل عليه بعد الاجماع السنة ، فإن لم يقدروا على ذلك تصدقوا بما استطاعوا وصاموا ما قدروا عليه.
(باب)
(ديات الجوارح والأعضاء والقصاص فيها)
قال الله تعالى « وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص » (١).
هذا وإن كان اخبارا من الله تعالى انه مما كتب على اليهود في التوراة ، فإنه لا خلاف أن ذلك ثابت في شرعنا. وذلك لأنه إذا صح بالقرآن أو بالسنة أن حكما من الاحكام كان ثابتا في شريعة من كان قبل نبينا من الأنبياء عليهمالسلام
__________________
١) سورة المائدة : ٤٥.