بينكم بينهم ميثاق هو مؤمن ، ومعناه إن كان القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم بينكم وبينهم ميثاق ـ أي ذمة وعهد وليسوا من أهل حرب لكم ـ فدية مسلمة إلى أهله لأنهم أهل الذمة. واما على قول من يقول إن هذا القتيل كافر فلا شبهة في أن ظاهر الكلام لا يقتضي التساوي في مبلغ الدية ، وانما يقتضي التساوي في وجوب الدية على سبيل الجملة.
وفي تقديم تحرير الرقبة على الدية في صدر الآية وتقديم الدية على تحرير الرقبة في آخر الآية خبيئة لطيفة ، وكذلك في قوله « الا أن تصدقوا » إشارة حسنة والأحسن أن تكون الكناية في كان من قوله « فإن كان من قوم عدو لكم » للقتيل دون أن يكون للمؤمن ، لان قوله « وهو مؤمن » يمنع من ذلك.
وكذا الكناية في كان من قوله « وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق » للمقتول لان المقتول يقع على المؤمن والكافر ، فإن كان القتيل من هؤلاء الكافرين كافرا فديته دية الكافر وإن كان مؤمنا فديته دية المؤمن. هذا هو المذهب ، ويجوز أن يكون كان تامة في أول الآية من قوله « وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ » أي ما وقع قتل مؤمن لمؤمن الا قتلا خطأ.
(فصل)
ثم قال تعالى « فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين » (١) اختلفوا في معناه : فقال قوم يعني فمن لم يجد الرقبة المؤمنة كفارة عن قتله المؤمن خطأ لاعساره فعليه صيام شهرين متتابعين ، وقال آخرون فمن لم يجد الدية فعليه صوم شهرين عن الدية والرقبة ، وقال مسروق تأويل الآية فمن لم يجد رقبة مؤمنة ولا دية يسلمها إلى أهله فعليه صوم شهرين متتابعين.
__________________
١) سورة النساء : ٩٢.