« لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا » قال مجاهد شريعة القرآن لجميع الناس لو آمنوا به ، وقال آخرون انه شريعة التوراة وشريعة الإنجيل وشريعة القرآن ، والمعني بقوله « منكم » أمة نبينا وأمم الأنبياء قبله على تغليب المخاطب على الغائب ، فبين تعالى ان لكل أمة شريعة غير شريعة الآخرين لأنها تابعة للمصالح ، فلا يمكن حمل الناس على شريعة واحدة مع اختلاف المصالح ، قال تعالى « ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة » (١).
(فصل)
ثم قال تعالى « أفحكم الجاهلية يبغون » (٢). قال مجاهد : انها كناية عن اليهود ، لأنهم كانوا إذا وجب الحكم على ضعفائهم ألزموهم إياه وإذا وجب على أقويائهم لم يأخذوهم به.
« ومن أحسن من الله حكما » أي فصلا بين الحق والباطل من غير محاباة ، لأنه لا يجوز للحاكم أن يحابى في الحكم ، بأن يعمل على ما يهواه بدلا مما يوجبه العدل ، وقد يكون حكم أحسن من حكم ـ بأن يكون أولى منه وأفضل ـ وكذا لو حكم بحق يوافق هواه أحسن مما يوافقه.
وقال تعالى في وصف اليهود « سماعون للكذب أكالون للسحت فان جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم » (٣) أي هؤلاء يقبلون الكذب ويكثر أكلهم السحت ـ وهو الحرام.
فخير الله نبيه عليهالسلام في الحكم بين اليهود في زنا المحصن وفي قتيل قتل من اليهود.
__________________
١) سورة النحل : ٩٣.
٢) سورة المائدة : ٥٠.
٣) سورة المائدة : ٤٢.