(باب)
(ما أباحه الله من الأطعمة)
قال الله تعالى « يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات » (١). الطيب في الأصل خلاف الخبيث ، وهو على ثلاثة أقسام : الطيب المستلذ ، والطيب الجائز ، والطيب الطاهر. والأصل واحد وهو المستلذ ، الا أنه وصف به الطاهر والجائز تشبيها ، إذا ما يزجر عنه العقل أو الشرع كالذي يتكد هذه النفس في الصرف عنه وما يدعو إليه بخلاف ذلك ، فالطيب الحلال والطيب النظيف.
واختلفوا في معنى الطيبات في الآية ، فقال البلخي هو ما يستطاب ويستلذ وقال الطبري وغيره هو الحلال الذي أذن لكم ربكم في اكله من الذبائح. والأول أولى ، لان الثاني يؤول تقديرا إلى ما لا فائدة فيه ، وهو يسألونك ما الذي هو حلال لهم فقيل الذي هو حلال لكم هو الحلال ، وهذا لا معنى له.
وإذا كان المراد بالذي أحل المستلذ حسن أن يقال : ان الأشياء التي حرمت غير مستلذة ، لأنه لا يميل كل أحد إلى الميتة ، والدم أيضا ليس من طيبات الرزق.
فقل لهم : الطيبات من المأكولات محللة لكم.
والضمير في « يسألونك » للمؤمنين الذين حرم عليهم ما فصل في الآية الأولى من قوله « حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير » الآية. أي يسألونك تفصيل المحللات فقل أحل لكم الطيبات. قال أبو علي : كل ما لم يجر ذكره في آيات التحريم كله حلال.
وقال تعالى « يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم » ونحوه قوله « يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا » ، الا أن تلك الآية خطاب للمؤمنين
__________________
١) سورة المائدة : ٤.