ثم مدح العافي بماله أن يفعله فقال « فأجره على الله » أي فجزاؤه عليه وهو سبحانه يثيبه على ذلك « انه لا يحب الظالمين » أي لم أرغبكم في العفو عن الظالم لأني أحبه بل لأني أحب الاحسان والعفو.
ثم أخبر أن من انتصر بعد أن تعدي عليه فليس عليه سبيل قال قتادة « بعد ظلمه » فيما يكون فيه القصاص بين الناس في النفس أو الأعضاء أو الجرح ، فأما غير ذلك فلا يجوز أن يفعل بمن ظلمه.
وقال قوم : ان له أن ينتصر على يد سلطان عادل ، بأن يحمله إليه ويطالبه بأخذ حقه منه ، لان السلطان هو الذي يقيم الحدود ويأخذ من الظالم للمظلوم.
(فصل)
وقوله تعالى « ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما » (١).
فأول ما يكون الجنين نطفة وفيها عشرون دينارا ، ويصير علقة وفيها أربعون دينارا وفيما بينهما بحساب ذلك ، ثم يصير مضغة وفيها سبعون دينارا ، ثم يصير عظما وفيه ثمانون دينارا ، ثم يصير صورة بلا روح مكسوا عليها اللحم خلقا سويا شق له العينان والاذنان والأنف قبل أن تلجه الروح وفيه مائة دينار ، ثم تلجه الروح وفيه دية كاملة. وبذلك قضى أمير المؤمنين عليهالسلام وقرأ الآية (٢).
قوله « يا أيها الناس ان كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم » (٣). قال قوم :
__________________
١) سورة المؤمنون : ١٢ ـ ١٤.
٢) انظر تفسير البرهان ٣ / ١١١.
٣) سورة الحج : ٥.