وقال الجبائي : في الآية دلالة على نسخ القرآن بالسنة المقطوع بها ، لأنها نسخت بالرجم أو الجلد والرجم ثبت بالسنة. ومن خالف في ذلك يقول : هذه الآية نسخت بالجلد في الزنا وأضيف إليه الرجم زيادة لا نسخا ، ولم يثبت نسخ القرآن بالسنة.
وأما الأذى المذكور في الآية فليس بمنسوخ ، فان الزاني يؤذى ويوبخ على فعله ويذم ، وانما لا يقتصر عليه فزيد في الأذى إقامة الحد عليه ، وانما نسخ الاقتصار عليه.
وروي ان امرأة أتت عمر فقالت : انى فجرت فأقم علي حد الله فأمر برجمها وكان علي عليهالسلام حاضرا فقال له : سلها كيف فجرت. قالت : كنت في فلاة من الأرض أصابني عطش شديد ، فرفعت لي خيمة فأتيتها فأصبت فيها أعرابيا.
فسألته الماء فأبى على أن يسقيني الا أن أمكنه من نفسي ، فوليت منه هاربة فاشتد في العطش حتى غارت عيناي [ وذهب لساني ] ، فلما بلغ منى [ العطش ] أتيته فسقاني ووقع علي. فقال علي عليهالسلام : هذه التي قال الله تعالى « فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه » (١) هذه غير باغية ولا عادية ، فخلا سبيلها (٢).
(فصل)
أما قوله « الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة » (٣) الآية ، فان حكم الزنا لا يثبت الا بشيئين : أحدهما : باقرار الفاعل بذلك على نفسه مع كمال عقله من غير اجبار
__________________
١) سورة البقرة : ١٧٣.
٢) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣٥ والزيادتان منه.
٣) سورة النور : ٢.