وأما قوله « واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما » (١) المعني بقوله « اللذان » فيه ثلاثة أقوال أقواها ما قال الحسن وعطا أنهما الرجل والمرأة وقال السدي وابن زيد هما البكران من الرجال والنساء ، وقال مجاهد هما الرجلان الزانيان.
قال الرماني : قول مجاهد لا يصح ، لأنه لو كان كذلك لكان للتثنية معنى ، لأنه انما يجئ الوعد والوعيد بلفظ الجمع ، لأنه لكل واحد منهم أو بلفظ الواحد لدلالته على الجنس الذي يعمهم جميعهم ، وأما التثنية فلا فائدة فيها.
والأول أظهر.
وقال أبو مسلم : هما الرجلان يخلوان في الفاحشة بينهما.
والذي عليه جمهور المفسرين أن الفاحشة هي الزنا ههنا ، وان الحكم المذكور في هذه الآية منسوخ بالحد المفروض في سورة النور. وبعضهم قال : نسخها الحدود بالرجم أو الجلد.
وقوله تعالى « فآذوهما » قيل في معناه قولان : أحدهما قول ابن عباس وهو التعيير باللسان والضرب بالنعال ، وقال مجاهد هو التوبيخ.
فان قيل : كيف ذكر الأذى بعد الحبس؟
قلنا فيه ثلاثة أوجه :
أحدها قول الحسن : ان هذه الآية نزلت أولا ، ثم أمر بأن يوضع في التلاوة بعد مكان الأذى أولا ثم الحبس ، ثم بعد ذلك نسخ الحبس بالجلد أو الرجم.
الثاني : قال السدي انه في البكرين خاصة دون الثيبين والأولى في الثيبين دون البكرين.
الثالث قول الفراء : ان هذه الآية نسخت الأولى.
__________________
١) سورة النساء : ١٦.