عرف معناها ، مثل قوله تعالى « ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق » (١) ومثل قوله « قل هو الله أحد » (٢) وغير ذلك.
ولا ينبغي لاحد أن ينظر في تفسير آية لا ينبئ ظاهرها عن المراد مفصلا أن يقلد أحدا من المفسرين ، الا أن يكون التأويل مجمعا عيه فيجب اتباعه لمكان الاجماع الذي هو حجة ، لان من المفسرين من حمدت طرائقه ومدحت مذاهبه في التأويل كابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد وغيرهم ، ومنهم من ذمت مذاهبه كأبى صالح والسدي والكلبي.
هذا في الطبقة الأولة ، فأما المتأخرون فكل واحد منهم نصر مذهبه وتأول على ما يطابق أصله ، فلا يجوز لاحد أن يقلد أحدا منهم ، بل ينبغي أن يرجع إلى الأدلة الصحيحة اما العقلية أو الشرعية من اجماع عليه أو نقل متواتر به عمن يجب اتباع قوله. ولا يقبل في ذلك خبر واحد وخاصة إذا كان مما طريقه العلم.
ومتى كان التأويل مما يحتاج إلى شاهد من اللغة ، فلا يقبل من الشاهد الا ما كان معلوما بين أهل اللغة سائغا بينهم ، ولا يجعل الشاذ النادر شاهدا على كتاب الله ، وينبغي أن يتوقف فيه ويذكر ما يحتمله ولا يقطع على المراد منه بعينه ويحتاط في ذلك كله ، فان كل آخذ بالاحتياط غير زال عن الشرائط.
(فصل)
ثم أعلم أن الله سبحانه أغنانا بفضله في الشرعيات عن أن تستخرج أحكامها بالمقاييس والاجتهادات التي تصيب مرة وتخطئ أخرى ، بل بين جميع ما يحتاج إليه المكلفون في تكليفهم عقلا وشرعا ووقفهم عليه في كتابه وعلى لسان
__________________
١) سورة الإسراء : ٣٣.
٢) سورة التوحيد : ١.