الله أن يكونوا من المخسرين.
وقال تعالى « ولا تنقصوا المكيال والميزان اني أراكم بخير » (١) نهاهم أن يبخسوا الناس فيما يكيلونه أو يزنونه ، وقال لهم « اني أراكم بخير » أي برخص السعر ، وحذرهم الغلاء في قول ابن عباس.
وقال تعالى « ويل للمطففين » (٢) هدد الله بهذا الخطاب كل من بخس غيره حقه ونقصه ماله من مكيل وموزون ، فالبائع والمشتري مخاطبان بهذا ، لان الكيل ووزن المتاع على البائع فتوفية ذلك عليه ، ووزن الثمن على المشتري.
فإن لم يحسنا ذلك لم يتعرضا له وليول كل واحد منهما ما عليه غيره وأجرته عليه ، والكيال ووزان الا متعة يعينان البائع فأجرتهما عليه ، والناقد ووزان الذهب والفضة يعينان المشتري فأجرتهما عليه.
والتطفيف التنقيص على وجه الخيانة في الكيل أو الوزن. ولفظة « المطففين » صفة ذم لا يطلق على من طفف شيئا يسيرا إلى أن يصير إلى حال يتفاحش. وفي الناس من قال لا يطلق حتى يطفف أقل ما يجب فيه القطع في السرقة ، لان ما يقطع فيه فهو كثير.
قال ابن عباس : كان أهل المدينة من أخبث الناس كيلا إلى أن أنزل الله هذه الآية فأحسنوا الكيل.
ثم قال تعالى « الذين إذا اكتالوا على الناس » أي أخذوا ما عليهم « وإذا كالوهم أو وزنوهم » فان بعض المفسرين يجعلهم فعلا في موضع رفع بمعنى الفاعل والباقون يجعلونه في موضع نصب ، وهو الصحيح.
__________________
١) سورة هود : ٨٤.
٢) سورة المطففين : ١.