المعنيان جميعا حسنان ، ونظير هذه الآية قولهم « القتل أنفى للقتل ».
وانما خص الله بالخطاب أولي الألباب لأنهم المكلفون المأمورون ، ومن ليس بعاقل لا يصح تكليفه. فعلى هذا متى كان القاتل غير بالغ ـ وحده عشر سنين فصاعدا ـ أو يكون مع بلوغه زائل العقل اما أن يكون مجنونا أو مؤوفا فان قتلهما وإن كان عمدا فحكمه حكم الخطأ.
(فصل)
قوله تعالى « ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق » (١) يعني الا بالقود أو الكفر أو ما يجري مجراهما ، فان قتله كذلك حق وليس بظلم.
« ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف » (٢) أي فلا يسرف القاتل في القتل ، وجاز أن يضمر وان لم يجر له ذكر ، لان الحال يدل عليه ، ويكون تقييده بالاسراف جاريا مجرى قوله في أكل مال اليتيم « ولا تأكلوها اسرافا » وان لم يجز أن يأكل منه على الاقتصاد ، فكذلك لا يمتنع أن يقال للقاتل الأول لا تسرف في القتل ، لأنه يكون بقتله مسرفا فلا يسرف لان من قتل مظلوما كان منصورا بأن يقتص له وليه والسلطان ان لم يكن له ولي ، فيكون هذا رد القاتل عن القتل.
والاخر أن يكون في « يسرف » ضمير « الولي » ، أي لا يسرف الولي في القتل ، فاسرافه فيه أن يقتل غير من قتل أو يقتل أكثر من قاتل وليه ، أي فلا يسرف الولي فإنه منصور بقتل قاتل وليه والاقتصاص منه.
والسلطان الذي جعله الله للولي ، قال ابن عباس : هو القود أو العفو أو الدية.
__________________
١) سورة الأنعام : ١٥١ والاسراء : ٣٣.
٢) سورة الإسراء : ٣٣.