(فصل)
ثم قال تعالى « حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم » (١) الآية.
اعلم أن في الناس من اعتقد أن هذه الآية وما يجري مجراها كقوله تعالى « حرمت عليكم الميتة والدم » (٢) مجملة لا يمكن التعلق بظاهرها في تحريم شئ ، وانما يحتاج إلى بيان. قالوا : لان الأعيان لا تحرم ولا تحل ، وانما يحرم التصرف فيها ، والتصرف مختلف ، فيحتاج إلى بيان التصرف المحرم دون التصرف المباح.
والأقوى أنها ليست مجملة ، لان المجمل هو مالا يفهم المراد بعينه بظاهره ، وليست هذه الآية كذلك ، لان المفهوم من ظاهرها تحريم العقد عليهن والوطي دون غيرهما من أنواع الفعل ، فلا يحتاج إلى البيان مع ذلك.
وكذلك قوله « حرمت عليكم الميتة » المفهوم منه الاكل والبيع دون النظر إليها أو ما جرى مجراه.
كيف وقد تقدم هذه الآية ما يكشف عن أن المراد ههنا من قوله تعالى « ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم » ، فلما قال بعده « حرمت عليكم أمهاتكم » كان المفهوم أيضا تحريم نكاحهن. ويطلب الكلام فيه من أصول الفقه.
(فصل)
قال ابن عباس : حرم الله في هذه الآية سبعا بالنسب وسبعا بالسبب : فالمحرمات من النسب : الأمهات ويدخل في ذلك أمهات الأمهات وان علون وأمهات الاباء كذلك ، والبنات ويدخل في ذلك بنات الأولاد ، أولاد البنين وأولاد
__________________
١) سورة النساء : ٢٣.
٢) سورة المائدة : ٣.