(فصل)
ولا يجوز للسيد أن يكاتب عبده حتى يكون عاقلا ، فإن كان مجنونا لم يجز مكاتبته ، لقوله تعالى « فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا » ، والخير الكسب والأمانة ، لأنه تعالى قال « والذين يبتغون الكتاب » والمجنون لا ابتغاء له.
والمكاتبة مشتقة من الكتب ، وهو الضم والجمع ، لأنه ضم أجل إلى أجل في عقد المعاوضة على ذلك.
ودليل جوازها قوله تعالى « والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم » فأمر بالكتابة.
فإذا ثبت هذا فمتى دعا العبد سيده إلى مكاتبته ـ والحال ما ذكرناه في الآية ـ فالمستحب له أن يجيبه إلى ذلك وليس بواجب ، سواء دعاه إلى ذلك بقيمة مثله أو أقل أو أكثر.
واختلفوا في الامر بالكتابة مع طلب المملوك لذلك وعلم مولاه أنه فيه خيرا : فقال عطا هو فرض ، وقال مالك والثوري وابن زيد هو على الندب ، وهو مذهبنا.
وقوله تعالى « وآتوهم من مال الله الذي آتاكم » (١) أمر من الله أن يعطي السيد مكاتبه من ماله الذي أنعم الله عليه ، بأن يحط عنه شيئا منه. وروى أبو عبد الرحمن السلمي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : يحط عنه ربع مال الكتابة (٢).
__________________
١) سورة النور : ٣٣.
٢) الدر المنثور ٥ / ٤٦ ، وفي حديث آخر فيه عن ابن عباس عنه عليهالسلام قوله : أمر الله السيد أن يدع للمكاتب الربع من ثمنه.