علمتم فيهم خيراً » (١) ومعناه ان للانسان إذا كان له أمة أو عبد يطلب المكاتبة ، وهي أن يقوم على نفسه وينجم عليه [ ليؤدي قيمة نفسه إليه ، فإنه يستحب لسيده أن يجيبه إلى ذلك ويساعده عليه ] (٢) ، لدلالة قوله « فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا » وهذا أمر ترغيب عند الفقهاء ، وأما عند الطبري وعمر بن دينار وعطاء هو واجب عليه إذا طلب.
والمكاتبة على ضربين : مشروط ومطلق.
فصورة الكتابة المطلقة أن يقول الانسان لعبده أو أمته : قد كاتبتك على أن تعطيني كذا وكذا دينارا أو درهما في نجوم معلومة (٣) على انك إذا أديت ذلك فأنت حر ، فيرضى العبد ويكاتبه عليه ، ويشهد بذلك على نفسه. فمتى أدى مال الكتابة في النجوم التي سماها صار حرا ، فان عجز عن أداء ذلك ينعتق بحساب ما أدى ويبقى مملوكا بحساب ما بقي عليه.
وان كانت الكتابة مشروطة ، وهي أن يقول لبعده في حال المكاتبة : متى عجزت عن أداء قيمتك فأنت رد في الرق ولى جميع ما أخذت منك. فمتى عجز عن ذلك ـ وحد العجز هو أن يؤخر نجما إلى نجم أو يعلم من حاله أنه لا يقدر على أداء ثمنه ـ فإنه يرجع رقا وجاز لمولاه رده إلى الرق.
وقوله تعالى « ان علمتم فيهم خيرا » الخير الذي يعلم منه هو القوة على التكسب بحيث يحصل به مال الكتابة. وقال الحسن : معناه ان علمتم منهم صدقا. وقال ابن عباس وعطا : ان علمتم لهم مالا. وقال ابن عمر : ان علمتم فيهم قدرة على التكسب ، قال لأنه إذا لم يقدر على ذلك أطعمني أوساخ أيدي الناس.
__________________
١) سورة النور : ٣٣.
٢) الزيادة من ج.
٣) النجوم المعلومة هي الدفعات التي يتوافقان على اعطاء المال فيها ، فان النجم الوقت المضروب ، ويقال نجمت المال إذا أديته نجوما.